للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد صح عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - أَنَّهُ طَافَ مَعَ مُعَاوِيَةَ - رضي الله عنه - بِالْبَيْتِ فَجَعَلَ مُعَاوِيَةُ يَسْتَلِمُ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا، فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: «لِمَ تَسْتَلِمُ هَذَيْنِ الرُّكْنَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَسْتَلِمُهُمَا». فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: «لَيْسَ شَيْءٌ مِنْ الْبَيْتِ مَهْجُورًا».

فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}.

فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: «صَدَقْتَ» (رواه الإمام أحمد، وقال أحمد شاكر: إسناده صحيح). فرجع معاوية - رضي الله عنه - عن رأيه لما استبان له أن رأي ابن عباس موافق لسنة النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -.

الشبهة الرابعة عشرة:

قول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - في فضل يوم الجمعة: «إِنَّ مِنْ أَفْضَلِ أَيَّامِكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فِيهِ خُلِقَ آدَمُ، وَفِيهِ قُبِضَ، وَفِيهِ النَّفْخَةُ، وَفِيهِ الصَّعْقَةُ، فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنَ الصَّلَاةِ فِيهِ» (رواه أبو داود، وصححه الألباني).

قالوا: يؤخذ من قوله - صلى الله عليه وآله وسلم - في فضل يوم الجمعة، وعدّ مزاياه: «فِيهِ خُلِقَ آدَمُ» تشريف الزمان الذي ثبت أنه ميلاد لأي نبي كان من الأنبياء - عليهم السلام - فكيف باليوم الذي ولد فيه أفضل النبيين وأشرف المرسلين - صلى الله عليه وآله وسلم -.

الجواب:

١ - جاءت النصوص الشرعية الصريحة الثابتة بفضل يوم الجمعة، واعتباره أحد أعياد المسلمين، واختصاصه بخصائص ليست لغيره، فنحن نقف مع النصوص الشرعية حيث وقفت، ونسير معها حيث اتجهت فالله - سبحانه وتعالى - يقول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (الحشر: ٧)، ويقول: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١)} (الحجرات: ١). ولا نبيح لأنفسنا أن نشرع تفضيل يوم بعينه، لم يرد النص بتفضيله، إذ لو كان خيرًا لشرع لنا تفضيله، كما شرع لنا تفضيل يوم الجمعة، قال تعالى: {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} (مريم: ٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>