للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ - رضي الله عنهما - قَالَ: قَدْ رَأَيْتُنِي مَعَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - وَقَدْ حَضَرَتْ الْعَصْرُ وَلَيْسَ مَعَنَا مَاءٌ غَيْرَ فَضْلَةٍ، فَجُعِلَ فِي إِنَاءٍ فَأُتِيَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وآله وسلم - بِهِ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهِ وَفَرَّجَ أَصَابِعَهُ ثُمَّ قَالَ: «حَيَّ عَلَى أَهْلِ الْوُضُوءِ، الْبَرَكَةُ مِنْ اللهِ»، فَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمَاءَ يَتَفَجَّرُ مِنْ بَيْنِ أَصَابِعِهِ فَتَوَضَّأَ النَّاسُ وَشَرِبُوا فَجَعَلْتُ لَا آلُوا مَا جَعَلْتُ فِي بَطْنِي مِنْهُ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ بَرَكَةٌ.

قُلْتُ لِجَابِرٍ: «كَمْ كُنْتُمْ يَوْمَئِذٍ؟». قَالَ: «أَلْفًا وَأَرْبَعَ مِائَةٍ». (رواه البخاري).

قَوْله: (وَحَضَرَتْ الْعَصْر) أَيْ وَقْت صَلَاتهَا. قَوْله: (فَجَعَلْت لَا آلُو) أَيْ لَا أُقَصِّر، وَالْمُرَاد أَنَّهُ جَعَلَ يَسْتَكْثِر مِنْ شُرْبه مِنْ ذَلِكَ الْمَاء لِأَجْلِ الْبَرَكَة.

٢ - ما يُتبرك به من الأعيان والأقوال والأفعال التي ورد الشرع بها إنما هو سبب للبركة وليس هو البركة. كما أن ما يُتداوى به من الأدوية إنما هو سبب للشفاء وليس هو الشفاء، وما ذكر الشرع أن فيه بركة فيُستعمل استعمال السبب الذي قد يتخلف تأثيره لفقد شرط أو وجود مانع كما هو معلوم في قاعدة الأسباب الشرعية. وما تضاف البركة إليه إنما هو من باب إضافة الشيء إلى سببه، كما قالت عائشة - رضي الله عنها - عن جويرية بنت الحارث - رضي الله عنها -: “ فَمَا أَعْلَمُ امْرَأَةً كَانَتْ أَعْظَمَ بَرَكَةً عَلَى قَوْمِهَا مِنْهَا». أي: جويرية - رضي الله عنها - هي سبب للبركة وليست المعطية للبركة؛ فلذلك لما تزوجها - صلى الله عليه وآله وسلم - أعتق الصحابة من سَبَوْهُ من قومها بني المصطلق لكونهم أصهار رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم -؛ فهذه بركة عظيمة من الله والسبب هو جويرية بنت الحارث؛ فهكذا الأشياء المباركة سبب للخير والنماء والزيادة.

عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ - رضي الله عنها - أنَّ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - لَمَّا قَسَمَ سَبَايَا بَنِي الْمُصْطَلِقِ وَقَعَتْ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ فِي السَّهْمِ لِثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ الشَّمَّاسِ - أَوْ لِابْنِ عَمٍّ لَهُ - وَكَاتَبَتْهُ عَلَى نَفْسِهَا، وأنها أَتَتْ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - فَقَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَا جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ضِرَارٍ سَيِّدِ قَوْمِهِ، وَقَدْ أَصَابَنِي مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَمْ يَخْفَ عَلَيْكَ،

<<  <  ج: ص:  >  >>