للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَعِيرًا فَلْيَأْخُذْ بِذِرْوَةِ سَنَامِهِ وَلْيَدْعُ بِالْبَرَكَةِ وَلْيَقُلْ مِثْلَ ذَلِكَ» (رواه ابن ماجه، وحسنه الألباني).

(وَخَيْر مَا جَبَلْتهَا) أَيْ خَلَقْتهَا وَطَبَعْتهَا عَلَيْهِ مِنْ الْأَخْلَاق. (بِذُرْوَةِ سَنَامه) الذُّرْوَة - بِالْكَسْرِ وَالضَّمّ -: أَعْلَى السَّنَام، وَسَنَام الْإِبِل - بِالْفَتْحِ - مَعْرُوف.

وعَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وآله وسلم - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - كَانَ يُؤْتَى بِالصِّبْيَانِ فَيُبَرِّكُ عَلَيْهِمْ (رواه البخاري ومسلم). أي: يدعو لهم بالبركة - صلى الله عليه وآله وسلم -.

٤ - صلة الأرحام:

وصلة الأرحام من الأسباب التي يوسع فيها على أرزاق العباد؛ فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - يَقُولُ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ أَوْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصلْ رَحِمَهُ» (رواه البخاري ومسلم).

(يُنْسَأ) أَيْ يُؤَخَّر. وَ (الْأَثَر) الْأَجَل، لِأَنَّهُ تَابِع لِلْحَيَاةِ فِي أَثَرهَا. وَ (بَسْط الرِّزْق) تَوْسِيعه وَكَثْرَته، وَقِيلَ: الْبَرَكَة فِيهِ.

وَأَمَّا التَّأْخِير فِي الْأَجَل فَفِيهِ سُؤَال مَشْهُور، وَهُوَ أَنَّ الْآجَال وَالْأَرْزَاق مُقَدَّرَة لَا تَزِيد وَلَا تَنْقُص، {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} (الأعراف: ٣٤)، وَأَجَابَ الْعُلَمَاء بِأَجْوِبَةٍ الصحِيح مِنْهَا أَنَّ هَذِهِ الزِّيَادَة بِالْبَرَكَةِ فِي عُمْره، وَالتَّوْفِيق لِلطَّاعَاتِ، وَعِمَارَة أَوْقَاته بِمَا يَنْفَعهُ فِي الْآخِرَة، وَصيَانَتهَا عَنْ الضَّيَاع فِي غَيْر ذَلِكَ.

وَالثَّانِي أَنَّهُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا يَظْهَر لِلْمَلَائِكَةِ وَفِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ، وَنَحْو ذَلِكَ، فَيَظْهَر لَهُمْ فِي اللَّوْح أَنَّ عُمْره سِتُّونَ سَنَة إِلَّا أَنْ يَصل رَحِمه فَإِنْ وَصلَهَا زِيدَ لَهُ أَرْبَعُونَ، وَقَدْ عَلِمَ اللهُ - سُبْحَانه وَتَعَالَى - مَا سَيَقَعُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَهُوَ مِنْ مَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} (الرعد: ٣٩) فَبِالنِّسْبَةِ إِلَى عِلْم اللهِ تَعَالَى، وَمَا سَبَقَ بِهِ قَدَره وَلَا زِيَادَة بَلْ هِيَ مُسْتَحِيلَة، وَبِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا ظَهَرَ لِلْمَخْلُوقِينَ تُتَصوَّر الزِّيَادَة، وَهُوَ مُرَاد الْحَدِيث.

<<  <  ج: ص:  >  >>