ومن أسباب البركة في المال أداء الحق الذي فيه، سواءً كان حقا واجبا مثل الزكاة أو مندوبًا إليه غير واجب مثل الصدقة وغيرها؛ فالمالُ يكثُر بالبذلِ والعطاء في الخيرات؛ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وآله وسلم - قَالَ: قَالَ اللهُ: «أَنْفِقْ يَا ابْنَ آدَمَ أُنْفِقْ عَلَيْكَ»(رواه البخاري).
{وَمَا وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ} نفقة واجبة، أو مستحبة، على قريب، أو جار، أو مسكين، أو يتيم، أو غير ذلك، {فَهُوَ} تعالى {يُخْلِفُهُ} فلا تتوهموا أن الإنفاق مما ينقص الرزق، بل وعد بالخلف للمنفق، الذي يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر {وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} فاطلبوا الرزق منه، واسعوا في الأسباب التي أمركم بها.
ومن أسباب البركات التي توجب على العباد الرحمات والنفقات والصدقات، قال تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (١٠) وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى (١١)} (الليل: ٥ - ١١).
{فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى} ما أمِرَ به من العبادات المالية، كالزكوات، والكفارات والنفقات، والصدقات، والإنفاق في وجوه الخير، والعبادات البدنية كالصلاة، والصوم ونحوهما والمركبة منهما، كالحج والعمرة ونحوهما.
{وَاتَّقَى} ما نهي عنه، من المحرمات والمعاصي، على اختلاف أجناسها.
{وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى} أي: صدق بـ «لا إله إلا الله» وما دلت عليه، من جميع العقائد الدينية، وما ترتب عليها من الجزاء الأخروي.