للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«الواقع» هو الحكم في شريعة الله! فهو الذي يجب أن يظل محكومًا بشريعة الله!

والتمسك بالكتاب في جد وقوة وصرامة؛ وإقامة الصلاة - أي شعائر العبادة - هما طرفا المنهج الرباني لصلاح الحياة. والتمسك بالكتاب في هذه العبارة مقرونًا إلى الشعائر يعني مدلولًا معينًا. إذ يعني تحكيم هذا الكتاب في حياة الناس لإصلاح هذه الحياة، مع إقامة شعائر العبادة لإصلاح قلوب الناس. فهما طرفان للمنهج الذي تصلح به الحياة والنفوس، ولا تصلح بسواه.

والإشارة إلى الإصلاح في الآية: {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} يشير إلى هذه الحقيقة، حقيقة أن الاستمساك الجاد بالكتاب عملًا، وإقامة الشعائر عبادة هما أداة الإصلاح الذي لا يضيع الله أجره على المصلحين. وما تفسد الحياة كلها إلا بترك طرفي هذا المنهج الرباني: ترك الاستمساك الجاد بالكتاب وتحكيمه في حياة الناس، وتَرْك العبادة التي تصلح القلوب فتطبق الشرائع دون احتيال على النصوص، كالذي كان يصنعه أهل الكتاب، وكالذي يصنعه أهل كل كتاب، حين تفتر القلوب عن العبادة فتفتر عن تقوى الله.

إنه منهج متكامل يقيم الحكم على أساس الكتاب، ويقيم القلب على أساس العبادة، ومِن ثَمَّ تتوافى القلوب مع الكتاب؛ فتصلح القلوب، وتصلح الحياة.

إنه منهج الله، لا يُعْدَل عنه ولا يُستَبْدَلُ به منهجٌ آخر، إلا الذين كتبت عليهم الشقوة وحق عليهم العذاب!

الإصلاح طريق الأنبياء:

قال تعالى: {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (٨٤) وَيَاقَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٨٥) بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>