[حب المسجد والتعلق به صفة من صفات المؤمنين]
الحمد الله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
روى البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلى ظله، الإمام العادل، وشاب نشأ في عبادة الله عز وجل، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابا في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها؛ حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه).
وروى ابن أبي شيبة وابن ماجه وابن خزيمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما توطن رجل المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش الله تعالى إليه كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم).
وفي رواية: (ما من رجل كان توطن المساجد فشغله أمر أو علة ثم عاد إلى ما كان إلا يتبشبش الله إليه، كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم).
هذه أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكرها الحافظ المنذري في الترغيب في لزوم المساجد والجلوس فيها.
فالمسلم يحب بيت الله سبحانه وتعالى، وفيه يصلي، وفيه يتعلم سنة النبي صلى الله عليه وسلم وكتاب ربه سبحانه، وفيه يحضر مجالس الذكر، ويقوم لله عز وجل متهجداً، وفيه يحافظ على عمله وسمعه وبصره، ويبتعد عن الملاهي والمعاصي التي تبعده عن الله سبحانه وتعالى.
فهو مواظب على بيت الله سبحانه، يمضي كثيراً من وقته فيه، فيكون متوطناً في بيت الله سبحانه وتعالى.
فهذه الأحاديث فيها الترغيب في لزوم المسجد.
فينبغي على المسلم أن يقسم وقته ما بين نومه وعمله، وعبادته لله سبحانه وتعالى.
فيواظب على الصلوات المكتوبات في المساجد، ويواظب على الجلوس في الأوقات المستحبة في بيت الله سبحانه وتعالى، كأيام وليالي الاعتكاف مثلاً، وساعة إجابة الدعاء يوم الجمعة، وما بين الفجر إلى طلوع الشمس، وآخر وقت صلاة الضحى، وانتظار الصلوات.
وهناك أوقات خاصة لأهله، حيث لا يجلس الإنسان في المسجد ويترك أهله ويضيعهم، ففي حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (كفى بالمرء إثماً أن يضيع من يعول).
فالمسلم يعمل ويكتسب رزقه حتى ينفق على أهله، فإذا عمل ما عليه وبقي عنده وقت فراغ فبيت الله عز وجل أولى به، فيكون حاضراً لدروس العلم فيه، ذاكراً لله سبحانه وتعالى، فالاجتماع في بيت الله فيه فضل عظيم كما سيأتي في هذه الأحاديث التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم.