شرح حديث:(أن أعرابياً بال في المسجد فقام الناس إليه)
وفي حديث أبي هريرة في صحيح البخاري:(أن أعرابياً بال في المسجد فقام الناس إليه ليقعوا فيه) فهنا جاء أعرابي جاهل ودخل المسجد، ومسجد النبي صلى الله عليه وسلم واسع كبير ليس فيه سجاد ولا حصير ولا شيء، بل الأرض تراب وحصى، فالرجل نظر الأرض لم ير شيئاً، فالشارع تراب والمسجد تراب، فدخل وقعد يتبول في المسجد، فرآه الصحابة، وأي أحد ينظر إلى هذا الإنسان سينكر عليه ويمنعه، فزجره الصحابة، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو بالمؤمنين رءوف رحيم أمرهم أن يدعوه، فهو قد بدأ يبول في المسجد، والأرض قد تنجست، فإذا قاموا إليه فسيقطعون عنه بوله، ولعله بقطع البول يحصل له شيء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(لا تزرموه بولته) يعني: لا تحبسوا عليه البول فيحصل له شيء، فرحمة عظيمة منه صلوات الله وسلامه عليه، قال:(لا تزرموه بولته، وقال: أريقوا على بوله سجلاً أو ذنوباً من ماء) يعني: هو قد تبول فصبوا على البول سجلاً من ماء أو ذنوباً من ماء، ثم قال:(فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين).
وهنا فرق بين إنسان يريد أن يتبول فيمنع، وبين إنسان قد شرع في التبول، فهذا الإنسان تركه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أكمل بوله، ولم يحبس عليه بولته؛ حتى لا يمرض أو يحصل له شيء.
وفي هذا الحديث بيان حسن معاملة النبي صلى الله عليه وسلم مع الخلق، قال عز وجل:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ}[الأحزاب:٢١].