وهنا من الأحاديث، حديث لـ عقبة بن عامر:(أنه خرج النبي صلى الله عليه وسلم وهم في الصفة)، والصفة: مكان في آخر المسجد كان يجلس ويعيش فيه فقراء المسلمين، ويبيتون ويصلون فيه، فخرج عليهم وقال لهم:(أيكم يحب أن يغدو كل يوم إلى بطحان أو إلى العقيق فيأتي منه بناقتين كوماوين في غير إثم ولا قطع رحم)، بطحان والعقيق: موضعان بالمدينة وفيها أسواق للناس فقال لهم: من يحب أن يذهب للسوق هنالك في بطحان أو في العقيق ويشتري ناقة من النوق السمان كوماء عظيمة ضخمة ويرجع من غير أن يصيبه إثم ولا يقطع رحماً في ذلك؟ فقالوا: كلنا يحب ذلك، فكلنا نريد أن نشتري ويكون عندنا نوقاً عظاماً من غير إثم ولا قطيعة رحم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم أو يقرأ آيتين -وفي رواية أخرى- فيعلم أو يقرأ آيتين).
فإذا كأن الذي يذهب إلى بيت الله عز وجل فيتعلم آية واحدة ويحفظها أو يعرف الحكم الشرعي الذي فيها فهذا أفيد وأنفع له من أن يحصل على ناقة عظيمة كوماء أو جمل عظيم أكوم كما جاء في الحديث، أو ناقتين كوماوين، فالآية الواحدة خير له من ذلك، والثلاث خير من ثلاث نوق وهكذا.
فقال صلى الله عليه وسلم:(أفلا يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم أو يقرأ آيتين من كتاب الله عز وجل، خير له من ناقتين وثلاث خير من ثلاث، وأربع خير من أربع، ومن أعدادهن من الإبل)، فهذا كنز عظيم لك، وأجر عظيم عند الله سبحانه وتعالى فإذا جئت إلى بيت الله فتعلمت آية سواء بقراءتها أو بحفظها فهذا خير وأفضل من أحسن الإبل، أو أنك تتعلم الآية حكمها الشرعي.