الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الإمام المنذري رحمه الله: [الترغيب في الورع وترك الشبهات وما يحوك في الصدر.
روى البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (الحلال بين، والحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب).
وروى مسلم عن النواس بن سمعان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس).
وعن وابصة بن معبد رضي الله عنه قال:(أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أريد أن لا أدع شيئاً من البر والإثم إلا سألت عنه، فقال وابصة: فدنوت حتى مست ركبتي ركبته فقال لي: يا وابصة أخبرك ما جئت تسأل عنه؟ فقلت: يا رسول الله! أخبرني، قال: جئت تسأل عن البر والإثم؟ قلت: نعم.
فجمع أصابعه الثلاث فجعل ينكت بها في صدره ويقول: يا وابصة! استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمئن إليه القلب، والإثم ما حاك في القلب وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك)].
هذه أحاديث عن النبي صلوات الله وسلامه عليه يذكرها الحافظ المنذري رحمه الله في الترغيب في الورع وترك الشبهات، إذ أن الدين يحثنا على الورع، والورع: هو أن يجتنب الإنسان الحرام وأن ويجتنب أن يقع في المكروه، ويتورع عن الشيء الذي يشكل عليه أن يقع فيه خشية أن يكون حراماً، فجاء في الصحيحين عن النعمان بن بشير قال: النبي صلى الله عليه وسلم: (الحلال بين، والحرام بين، وبينهما مشتبهات).
أي: الحلال معروف في كتاب الله سبحانه وفي سنة نبيه صلى الله عليه وسلم، حيث نص على أن هذا حلال أو هذا حرام، فالحلال بين والحرام بين، وبين الاثنين -أي: بين الحلال والحرام- أشياء تشتبه على الإنسان فلا يعرف هي من الحلال أم من الحرام، فالورع يكون في مثل هذه الحالة أن يجتنبها، وأن يسأل أهل العلم، فإذا بين له أهل العلم أنها حرام اجتنب ذلك، وإذا قالوا له: إنها حلال أتاها، وإذا صار الأمر مشكلاً عليه فلا يعرف هو حلال أو حرام حيث أن فيها شبهة من هذا ومن هذا فليجتنبها وليبتعد عنها حتى لا يقع في الحرام.