عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إن الله ليحمي عبده المؤمن الدنيا وهو يحبه، كما تحمون مريضكم الطعام والشراب).
قد يكون الإنسان المؤمن طالباً للمال وللدنيا، فيكدح ويتعب، ورزقه قليل، وقد يظن في نفسه أنه محروم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول:(إن الله عز وجل يحمي) بمعنى: يمنع والحمية: الامتناع، أي: يمنع عبده المؤمن من الدنيا.
والله أعلم أن هذا العبد لو نال هذا المال فلعله يشقى، ويصير تعيساً في الدنيا والآخرة، ولعله يفتن به، فإذا بالله لحبه له يحرمه من هذا المال، فلا يناله، فلعله يحزن إن فاته، ويؤجر على حزنه، ويؤجر على همه وحزنه، ويوم القيامة يجد الطريق إلى الجنة مفتوحاً له، ولو أنه أخذ هذا المال فلعل طريق الجنة يغلق عنه فلا يدخلها، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم:(إن الله ليحمي عبده المؤمن الدنيا وهو يحبه كما تحمون مريضكم الطعام والشراب).
أي: عندما يكون لك مريض، والأطباء منعوه من أن يأكل كذا وكذا فإنك لا تعطيه هذا الطعام، ليس لكونك تبغضه، وإنما لكونك تحبه، وتخاف عليه من أن يزداد عليه المرض، ولله عز وجل المثل الأعلى، فإنه يحمي عبده الدنيا، ويمنعه من الدنيا، وهو يحبه، ولو أعطاه الدنيا لأفسدته، فيحميه ويمنعه منها ليدخر له أجره موفوراً يوم القيامة، فلذلك لا يحزن العبد المؤمن ولا يشقى بقلة المال، وإنما الشقي هو الذي حرم من معرفة رب العالمين سبحانه تبارك وتعالى، والذي حرم من السعادة في الآخرة.
نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من عباده السعداء عنده.
وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.