نتعلم من جملة تلك الأحاديث التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن المسلم ينبغي له أن يفشي السلام ويكثر التسليم على المسلمين، ففي ذلك الأجر الكثير، فإذا قال: السلام عليك، فله عشر حسنات، وإذا زاد: ورحمة الله زادت له عشر حسنات، وإذا زاد وبركاته زادت له عشر حسنات، فانظر كم تأخذ من الحسنات إذا سلمت على مائة شخص مثلاً وأنت مار في الطريق، فكل تسليمة بثلاثين حسنة، فتعود إلى بيتك ولديك ثلاثة آلاف حسنة، بسبب التسليم على الناس فقط.
لذلك كان بعض الصحابة رضوان الله عليهم يخرج إلى السوق وهو لا يريد أن يشتري شيئاً، وإنما يريد أن يسلم على الناس، مثل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، فقد خرج مع شخص فقال له: ما رأيتك اشتريت شيئاً؟ قال: أما رأيتني سلمت على الناس؟ قال: نعم، قال: فلهذا خرجت، وذلك لأنه عرف ما في السلام من الفضل الكثير.
فخذوا أمر السلام بجد وليس بهزل؛ لأن الدين إذا دخله المزاح ضاع وضاع الثواب، فإذا سلمت على أخيك فاستشعر الثواب، واعلم أنك إذا مددت يدك فصافحت أخاك المسلم تساقطت السيئات عنكما.
فعلى الإنسان المسلم أن يلقي السلام محتسباً الأجر من الله عز وجل، سواء رد عليه الناس أو لم يردوا، وعليه أن يلقي السلام على من هو في استعداد للرد عليه، فلا يشغل إنساناً عن شيء مهم يقوم به، فمثلاً إذا أتى حلقة فلا ينبغي أن يسلم على كل من في الحلقة ليقوموا كلهم بالرد عليه، وهكذا يأتي الثاني والثالث فيصبح الوقت كله رد للسلام، ولكن إذا انتهيت إلى المجلس فرد السلام على أقرب الناس إليك ثم اجلس، فإذا قمت من المجلس سلمت على أقرب من هم إليك وانصرفت، ولا تزعج أحداً بذلك.
وإذا مررت على من يقرأ القرآن أو يحفظ القرآن وهو في مكان يمر عليه فيه ناس كثير، فعلى ذلك لا داعي أن تشغله عن حفظه وعن مراجعته بالسلام عليه، لكن إن وجدت من هو في حال يسمح له بالرد ولا يشغله ذلك عن شيء فألق السلام، وأكثر من ذلك، وأفشه بين الناس كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.
نسأل الله عز وجل أن يعيننا على ذكره وشكره وحسن عبادته، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.