ثم دعا لعكس هذا الإنسان:(طوبى لعبد أخذ بعنان فرسه).
وجاء في الحديث أن طوبى شجرة من أشجار الجنة تخرج فيها ثياب أهل الجنة، فكأنه يدعو لهذا الإنسان أن ينال الحظ الوافر في الآخرة، وأن يكون من أهل الجنة ومن أهل هذه الشجرة.
قال:(طوبى لعبد أخذ بعنان فرسه في سبيل الله)، يعني: عبداً مجاهداً فقيراً ومع ذلك ليس له طمع في الدنيا ولا يطمع في الدرهم ولا في الدينار ولا الخميصة، ولكن طمعه في دين الله وفي رضا الله.
قال صلى الله عليه وسلم في وصف هذا الإنسان:(أشعث رأسه)، يعني: ليس عنده وقت يمشط فيه شعره.
قال:(مغبرة قدماه)، مجاهد في سبيل الله، يمشي حافياً، فيعلق الغبار والتراب بقدميه من كثرة المشي.
قال:(إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة) فهو عبد متواضع فقير لا أحد يعرفه وليس له قيمة كبيرة لكي يوضع في مكان مرموق، فهذا الفقير يجعلونه حارساً، وهو راض بهذا الشيء لرضا الله عز وجل به، أو يجعلونه في الساقة في آخر الجيش أو في غير ذلك فلا يهتم لمكانه ولا يريد أن يراه الناس إنما يريد أن يعرفه الله سبحانه وتعالى.
قال:(إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع)، يعني: حاله أنه فقير مسكين ضعيف لو أنه استأذن لا أحد يأذن له، ليس له فضل عند الناس، وليس له عند الناس وجاهة لكي يستأذن فيدخل، وإذا شفع لإنسان عند إنسان ليس له عنده منزلة فلا يرضى منه ولا يقبل منه، هذا الإنسان دعا له النبي صلى الله عليه وسلم: طوبى لهذا العبد.