ومن الأحاديث التي جاءت: ما رواه أبو موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (تحشر الأيام على هيئتها، وتحشر الجمعة زهراء منيرة أهلها يحفون بها كالعروس تهدى إلى خدرها، تضيء لهم يمشون في ضوئها، ألوانهم كالثلج بياضاً، وريحهم كالمسك يخوضون في جبال الكافور، ينظر إليهم الثقلان لا يطرقون تعجباً حتى يدخلون الجنة، لا يخالفهم أحد إلا المؤذنون المحتسبون) فهذه فضيلة لأهل الجمعة الذين يواظبون على صلاتها الجمعة ويأتون مبكرين لتأديتها، ويغتسلون لها ويتهيئون لها كما هو هدي النبي صلى الله عليه وسلم فيها.
فالأيام تحشر على هيئتها كما يشاء الله سبحانه وتعالى، ويحشر يوم الجمعة وقد مثله الله عز وجل يوم القيامة، فيوم الجمعة شيء معنوي في الدنيا، لكن يهيئه الله ويمثله ويشخصه يوم القيامة كهيئة عروس تهدى في يوم الجمعة.
وهذه العروس -أي: يوم الجمعة- يحف بها أهلها الذين كانوا يواظبون على صلاتها في بيوت الله سبحانه وتعالى، والذين كانوا يحرصون على الاغتسال لها، والذين كانوا يجعلون هذا اليوم عيداً بحق، فيفعلون ما أمر الله عز وجل فيه من استعداد لها ومن صلاة جمعة، ومن ذكر لله سبحانه وتعالى، ومن أعمال تختص بهذا اليوم، فهم يحفون بها كالعروس تهدى إلى خدرها تضيء لهم، يعني: زفة عظيمة جداً: عروس ويحيط بها أهلها، وأهل هذه العروس: أهل الجمعة، وهم المؤمنون الذين كانوا يصلون الجمعة ويسرعون إليها ويأتون مبكرين إليها.
قال: تضيء لهم يمشون في ضوئها، ألوانهم كالثلج بياضاً، ليس عليهم دنس من أدناس الذنوب، بل قد نقاهم الله عز وجل وجعل ألوانهم بيضاء زاهرة.
قال: وريحهم كالمسك يخوضون في جبال الكافور ينظر إليهم الثقلان لا يطرقون تعجباً يعني: كل الخلق ينظرون إلى المسلمين الذين كانوا يصلون الجمعة ويواظبون عليها ويتعجبون من جمالهم وطيب ريحهم، وهيئتهم.
قال: لا يطرقون تعجباً حتى يدخلوا الجنة، وكأنهم يحيطون بهذه العروس حتى تؤدي بهم أي: تأخذ أهلها وتدخل بهم إلى الجنة، وأي عظمة أعظم من هذه الجنة التي ينصرفون إليها من الموقف العظيم، فتراهم متجهين إلى الجنة في هذا الجمال العظيم والزفة العظيمة، فيدخلون الجنة وكل الخلق واقفون يشاهدون أهل الجمعة، وهم داخلون الجنة بهذا المنظر والموكب العظيم.
قال: لا يخالطهم أحد إلا المؤذنون المحتسبون يعني: المؤذن الذي يحتسب أذانه ولا يأخذ عليه أجره.