الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
إن المسجد بيت الله سبحانه وتعالى، شرفه الله سبحانه بأن نسبه إليه، يقال: بيت الله، فأضافه إليه سبحانه وتعالى، وسمي المسجد مسجداً من السجود، والسجود أشرف الهيئات التي يكون عليها العبد، وأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فسمي المسجد مسجداً لكثرة السجود فيه، وإن كان في المسجد القيام والقعود والركوع والسجود، ولكن أشرف الهيئات هيئة السجود، فأخذ من ذلك اسم المسجد الذي يسجد فيه العبد ويجعل وجهه على الأرض طاعة وعبادة لله سبحانه تبارك وتعالى.
وقد جاء النهي عن تصغير المسجد، فلا يجوز أن نقول مسيجد، فالمسجد معظم ومكبر، وكذلك المصحف فإنه عظيم لا يجوز أن يصغر فيقال: مصيحف، فهذا حرام لا يجوز، المصحف عزيز كبير جليل، حتى وإن كان خطه وحجمه صغيراً، لكن لا يجوز تصغيره، فلا يقال: مصيحف ولا مسيجد، وإنما يقال: المسجد بيت الله سبحانه، والمصحف كتاب الله سبحانه وتعالى.
المسجد له أحكام عظيمة، ويكفي أنه بيت الله سبحانه حتى نتأدب فيه، ويكفي أن الثواب فيه ثواب عظيم، فإذا أتيت إلى بيت الله من بيتك فكل خطوة تخطوها فيها أجر وثواب: ففي الخطوة الواحدة يرفعك الله عز وجل بها درجة، ويعطيك بها حسنة، ويكفر عنك بها سيئة، بل إن كل خطوة من الخطوات التي تأتيها إلى بيت الله في يوم الجمعة لك في كل خطوة منها أجر سنة قيامها وصيامها، وهذا في المجيء من البيت إلى المسجد، وفي فكيف بالمكث في المسجد والجلوس فيه للذكر ونحوه.
لذلك لابد وأن نفرق بين بيت الله المسجد وبين غيره من البيوت والأماكن.
فإذا جئنا إلى بيت الله احترمناه، وتعلمنا كيف نصلي فيه، وكيف نتأدب فيه، وإذا أتينا بأولادنا إلى بيت الله فليكن الولد في سن التمييز حتى يتأدب في بيت الله، فإذا أمر يأتمر وإذا نهي ينزجر.
فنأتي بمن يحترم بيت الله، ولا نأتي بمن يهين بيت الله سبحانه ويمزق المصاحف، ويكتب عليها ويتبول على أرض في المسجد، ويلعب ويعبث والناس يصلون.
وإذا نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن رفع الصوت بالقرآن في بيت الله فمن باب أولى أن نكون منهيون عن رفع الصوت بالكلام المباح الذي يزعج بعضنا بعضاً، وأن نأتي بصبيان أو ببنات صغار يزعجون المصلين أثناء صلاتهم أو دروسهم.