عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (استحيوا من الله حق الحياء).
فالإنسان الذي يستحيي يفني عمره ولا يشكو على أحد، أو يحسد أحداً، أو يطلب شيئاً ليس له، ولا يعمل الحرام أو يقوله؛ لأنه يستحيي من الله أن يراه على شيء من المنكرات.
قال:(قلنا: يا نبي الله! إنا لنستحيي والحمد لله، قال: ليس ذلك) أي: ليس الذي أنتم تظنونه، ولكن أكثر من ذلك، (الاستحياء من الله حق الحياء أن تحفظ الرأس وما وعى، وتحفظ البطن وما حوى، وتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء).
فالاستحياء من الله حق الحياء: هو أن تحفظ كل بدنك، فتحفظ الرأس وما وعى، أي: ما وعى من أعضاء وحواس في رأسك، أو فم تتكلم به، أو أنف تشم به، أو أذن تسمع بها، أو عين تنظر بها.
وتحفظ بطنك وما نزل فيها من طعام وشراب وما فيها من شهوة، وتتذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا.
فالإنسان إذا حفظ لسانه حتى في طعامه وشرابه، وحفظ سمعه عن المنكرات، وحفظ بصره من النظر إلى المحرمات، وحفظ نفسه من الوقوع في الشبهات والشهوات، فقد استحيا من الله حق الحياء، وهذا هو الذي يعين الإنسان عند الموت، فالموت آتٍ، والأيام تمر سريعاً، سنة إلى سنة، وشهر إلى شهر، ويوم إلى يوم، وهذه الأيام هي عمرك، وعمرك هو أنت، وبعدها قبر، ثم جنة أو نار، فإذا تذكر الإنسان ذلك، وتذكر أن ربنا خلقه ليعبده في الدنيا، وسيرجع إليه بعد ذلك ليجازيه ويحاسبه، كان ذلك أدعى لاستحيائه.
وقوله:(تذكر الموت والبلى) أي: بلاء أعضاء الإنسان، فالإنسان في الدنيا يأكل ويقوى ويكبر، ثم يذهب ذلك كله في البلى والتراب.
ويلبس الثياب ليجمل منظره أمام الناس ثم تبلى هذه الثياب وتضيع.
فتذكر الموت، وتذكر البلى، ولا تغتر بهذه الدنيا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ومن أراد الآخرة ترك زينة الدنيا، فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله حق الحياء).
نسأل الله عز وجل أن يرزقنا الحياء منه حق الحياء.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.