وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال:(إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرّ بقبر فقال: من صاحب هذا القبر؟ فقالوا: فلان، فقال صلى الله عليه وسلم: ركعتان أحب إلى هذا من بقية دنياكم).
وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نزور القبور وقال:(كنت نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكر الآخرة).
وقد كان نهاهم في فترة من الفترات أن يزوروا القبور، وكان السبب في النهي: الخوف من الشرك، أي: حتى لا يقعوا في الشرك بالله عز وجل؛ لأنهم كانوا معتادين على دعاء القبور وعلى عبادة الأصنام، فمنعهم من ذلك وكانوا معتادين على التفاخر بما في القبور من أهليهم والتكاثر بعشيرتهم، فنهاهم فترة عن ذلك؛ سداً لذريعة الشرك والتفاخر بالأجداد، ثم لما استقر في قلوبهم الإيمان والتوحيد والبعد عن التفاخر بالأهل والأنساب أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بزيارة القبور للاتعاظ، والتفكر في نفسه وفي صحته وفي عافيته، وفي صلاته وعمله، وصحة عبادته، وأن هذا الذي في هذا القبر يتمنى لو أنه خرج إلى الدنيا ليصلي ركعتين فقط، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لما سأل عن صاحب القبر فأخبروه أنه رجل من المسلمين:(ركعتان أحب إلى هذا من بقية دنياكم)، يعني: الباقي من الدنيا إلى أن تقوم الساعة، أي: لو قيل له: أنعطيك هذه الدنيا كلها أو تصلي ركعتين؟ لقال: أصلي ركعتين أحب إلي من ذلك، ونحن الآن في هذه الدنيا ليس أمامنا ركعتان فقط، بل ركعات كثيرة، فلنصلي ولنكثر من الركعات.