[فضل طلب العلم]
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الحافظ المنذري رحمه الله: [الترغيب في الرحلة في طلب العلم: عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) رواه مسلم.
وعن زر بن حبيش رضي الله عنه قال: (أتيت صفوان بن عسال المرادي رضي الله عنه قال: ما جاء بك؟ قلت: أنبط العلم، قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من خارج من بيته في طلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضاً بما يصنع) رواه الترمذي.
وروى الطبراني في كتابه عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيراً أو يعلمه كان له كأجر حاج تاماً حجته)].
فهذه أحاديث من كتاب الترغيب والترهيب للإمام الحافظ المنذري في الترغيب في الرحلة إلى طلب العلم.
فالإنسان المسلم يرحل ويسافر ليبحث عن العلم حتى يعلم ما يريد الله عز وجل منه، والمؤمن ينشر العلم بإخلاص ويبتغي به وجه الله سبحانه، ويبتغي الثواب على ذلك.
من الأحاديث ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة).
فالجزاء من جنس العمل، فإذا كنت تسعى ذاهباً إلى بيت الله سبحانه وتعالى، لعلك تذهب في طريق صعب أو طويل تذهب في ليل تذهب في نهار في أرض سهلة في أرض وعرة تلتمس طلب العلم، والمقصد: العلم الشرعي أي: علم الكتاب وعلم سنة النبي صلى الله عليه وسلم فإذا أتعبت نفسك من أجل ذلك في الدنيا سهل الله عز وجل لك العلم، وسهل لك به طريقاً إلى الجنة.
عن زر بن حبيش قال: (أتيت صفوان بن عسال المرادي رضي الله عنه قال: ما جاء بك؟ قال: قلت: أنبط العلم).
ومعنى أنبط: خرجت أبحث عن العلم الصحيح وهو علم الكتاب والسنة، فأنبط هذا العلم: أستخرجه، فقال له صفوان رضي الله عنه: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من خارج خرج من بيته في طلب العلم إلا وضعت له الملائكة أجنحتها رضاً بما صنع)، فطالب العلم وهو يسير في الطريق بدلاً من أن يفرشوا له سجاداً فإن الملائكة تشرفه بأن تفرش له أجنحتها، ولم يذكر العالم فقط، لا، بل طالب العلم.
إذاً: الطلبة والعلماء وكل من يطلب العلم الشرعي يسير في طريق الملائكة، فتفرش له أجنحتها في هذا الطريق، تواضعاً له.
من الأحاديث: حديث أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من غدا إلى المسجد لا يريد إلا أن يتعلم خيراً أو يعلمه)، (من غدا إلى المسجد) فإذا جئت لتصلي فأنت في الطريق كأنك تصلي طالما أنك على وضوء، وإذا جلست في المسجد تنتظر الصلاة فأنت في صلاة، وإذا انتظرت بعد الصلاة فالملائكة تدعو لك وتستغفر لك، وإذا جئت لطلب العلم الشرعي يقول النبي صلى الله عليه وسلم هنا: (كان له كأجر حاج تاماً حجته)، هذا ما يكون لطالب العلم ولمعلم الخير من قدر ومنزله، ومن ثواب في طلب العلم، كلما ذهب إلى بيت الله ليتعلم علماً أو ليعلمه الناس.
فالمعلم وطالب العلم يشتركان في الأجر، ويكون لهما كأجر الحاج الذي يذهب ليحج ويرجع، وهذا الأجر تاماً لا ينقص منه شيء.
كذلك جاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من جاء مسجدي هذا لم يأته إلا لخير يتعلمه أو يعلمه فهو بمنزلة المجاهدين في سبيل الله) وهذه فضيلة أخرى لمن يتوجه إلى بيت الله عز وجل ليتعلم العلم الشرعي أو يعلم العلم الشرعي.
فهذه أحاديث تجعل المسلمين يتنافسون في طلب العلم، وفي حفظ العلم الشرعي، وفي طلب من يتعلم العلم الشرعي من كتاب أو سنة أو فقه وغير ذلك من علوم الدين، فأخبر صلى الله عليه وسلم في الحديث أن الذي يأتي ليتعلم الخير أو يعلم الخير بمنزلة المجاهدين في سبيل الله.
يعني: له أجر عظيم كأجر الغازي المجاهد في سبيل الله سبحانه.
فما هو أجر الذي جاء إلى المسجد لغير ذلك كمن جاء ينتظر شخصاً وليس مراده طلب علم ولا غيره؟!
الجواب
قال صلى الله عليه وسلم: (ومن جاء لغير ذلك فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره)، أي: كمن مر في الشارع نظر إلى أثاث جيد ولكنه لا ينتفع بهذا الأثاث؛ فهو ملك لغيره.