ليوم الجمعة فضائل كثيرة جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فمنها: رواه مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة) قوله: من توضأ، يعني: لصلاة الجمعة، وجاء في حديث آخر (من توضأ فبها ونعمت، ومن اغتسل فالغسل أفضل)، فالأفضل لك والسنة المتأكدة والحق عليك أن تأتي الجمعة وقد اغتسلت لصلاتها، وهذا أفضل وأعظم في أجرك فقال هنا:(من توضأ فأحسن الوضوء، ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى)، ولاحظ قوله صلى الله عليه وسلم (فاستمع وأنصت) فهو لم يقل فسمع، وهناك فرق بين السماع والاستماع، فسمع الإنسان وصل إلى أذنه، ولكن لا يشترط أن كل ما سمعه يعيه ويفهمه، ولكن استمع أي: أصغى وتعمد أن يستمع وركز في السماع ولم يتكلم في خطبة الجمعة، وانتبه ليعي ويفقه ويتعلم من خطبة الجمعة، قال:(فاستمع وأنصت) وهذا توكيد مع أن الإنصات يستدعي الاستماع ولكنه أراد أن يؤكد، فبالغ في ذلك لئلا يفوتك شيء من خطبة الجمعة فتعي بذلك خطبة الجمعة جميعها، والجزاء قال:(غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى).
لذلك لا بد أن يحرص المسلم على أن لا يقصر في ذلك، فلو أنه حضر الخطبة فنام فلم يستمع ولم ينصت فليس له ذلك الفضل، فيحرص المسلم على الاستماع، ولو أنه جلس فلغا بأن كلم هذا وكلم هذا ففاته من الخطبة شيء فهذا لم يستمع فليس له ذلك الفضل، بل لا جمعة له كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فقال هنا في هذا الحديث (استمع وأنصت غفر له ما بينه وبني الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام)، أي: من فضل الله أنك إذا حضرت الجمعة يغفر الله لك من الأسبوع إلى الأسبوع سبعة أيام فقط، ولكن الله كريم ومن كرمه أنه عز وجل جعل الحسنة بعشر وليس بسبعة، فعلى ذلك أعطاك فضلاً ثلاثة أيام وهذا من فضله وكرمه وجوده سبحانه تبارك وتعالى.
ولو أن إنساناً لعب أثناء الخطبة بمسباحة في يده، أو حصى على الأرض، أو كان يخط خطوطاً على الرمل الذي أمامه، فلا جمعة له، كما قال:(ومن مس الحصى فقط لغى)، أي: ليس له جمعة، ولا صلاة.
فالإنسان قد يفعل أشياء صغيرة لا يلقي لها بالاً فتضيع عليه الجمعة، ويضيع منه الأجر العظيم وأصبحت جمعته كصلاة الظهر، أي: ليس له أجر الجمعة.