فمن الأحاديث: حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم، فقال: البر حسن الخلق).
الإنسان البار هو الكثير الأفعال الحسنة، فيبر الناس، ويبر أهله، ويبر نفسه، وبهذا يكون الإنسان باراً، وهو أفضل شيء يكون عليه، والذي يدفعه لهذا البر هو حسن الخلق؛ لأن الدافع لأعمال البر حسن خلق الإنسان، والإثم: هو الذنوب، وهو الشيء الذي يدفع العبد لمعصية الله سبحانه وتعالى، وقد أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم معنىً جامعاً فقال:(ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس)، وصحيح فكل إنسان يعرف أن هذا صحيح وهذا غلط، وأن هذه معصية وهذه طاعة، ولكنه أحياناً يتغافل عن الشيء ويذهب يسأل المسألة ويغلفها بإطار حتى يأخذ الجواب على هواه، فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول لك: إنك حتى لو أخذت هذا الجواب على هواك فلا تعمل بهذا الشيء؛ لأنك تعرف أن هذا خطأ.
وإذا حاك في صدرك منه شيء فلا تعمل بهذا الشيء؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(والإثم ما حاك في صدرك، وكرهت أن يطلع عليه الناس).
فقد يحس الإنسان في صدره من مسألة معينة وإن كان قد سأل فيها، وقيل له: إن هذه حلال، ولكن: يشعر في نفسه أنه خطأ، وأنه ما سأل السؤال على الوجه الصحيح فيها؛ ولذلك جاءته الإجابة خاطئة.
فنقول له: إن الجواب الخاطئ لن يغير من أصل حقيقة المسألة شيئاً، والإثم إثم ولن يتحول إلى شيء حسن، وانظر إلى بني إسرائيل لما تحايلوا على ما نهاهم الله عز وجل من العمل في يوم السبت، وقالوا: نحن لن نصطاد يوم السبت، ولكنهم ينصبون شباكهم في يوم الجمعة فتحبس السمك يوم السبت، ثم يأتي يوم الأحد ويأخذونه.
فهم ظنوا أنهم بهذا قد نجوا؛ لأنهم لم يعملوا يوم السبت شيئاً، فتحايلوا على ربهم سبحانه، فكان أن مسخهم الله عز وجل قردة وخنازير؛ لعصيانهم وبعدهم عن الله سبحانه، وتحايلهم على دينه.
وأما الإثم: فإذا عرفت في نفسك أن هذا خطأ فلا تفعله، حتى وإن قيل لك: إن هذا صواب طالما أنك شككت في الأمر، وفي نفسك أن هذا خطأ، فلا تعمل بهذا الخطأ.