للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[التحذير من الاغترار بالدنيا]

وروى مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، وروى مثله الطبراني عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الدنيا حلوة خضرة).

أي: مثل البقل الذي ينبت من الأرض، وتأكله البقر والإبل والغنم.

فإن طعمه حلو، ولو تركت المواشي تأكل منه ما أرادت؛ لأتخمت ثم تموت.

ولكن الله عز وجل جعل آكلة الخضر من المواشي مثل البقرة تأكل ما يكفيها، ثم تركن إلى الشمس، فتجتر هذا الذي أكلته، ثم ثلطت وبالت وأخرجت.

وأما الإنسان فلا يعمل هذا الشيء، وإنما يجمع الدنيا ويخزنها إلى أن تتخمه وتهلكه، قال صلى الله عليه وسلم: (وإن الله تعالى مستخلفكم فيها)، يعني: جاعلاً بعضكم يخلف بعضاً فيها، فإذا مت جاء عيالك بعدك يخلفونك، ويأتي غيرك ليأخذ مكانك، فلا أحد يعيش فيها أبداً.

فإن الإنسان يصل إلى أعلى شيء ثم يموت، ويأتي غيره مكانه، ولا تدوم الدنيا لأحد أبداً.

ولذلك السعيد من وعظ بغيره، والشقي من شقي في بطن أمه.

قال صلى الله عليه وسلم: (وإن الله تعالى مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعلمون؟ فاتقوا الدنيا)، أي: اجعلوا بينكم وبين هذه الدنيا وقاية، وعين بصيرة من ذكر لله سبحانه، ومن مواعظ تسمعونها وتعملون بها.

قال: (واتقوا النساء) أي: احذروا من النظر إلى النساء، واحذروا من أن تتبعوا الهوى، فتغووا في النهاية وتضيعوا.

قال صلى الله عليه وسلم: (فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء).