[ما جاء عنه صلى الله عليه وسلم في فضل صلاة الضحى وعظم أجرها]
وصلاة الضحى عظيمة جداً، ولذلك أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بها، ومن هؤلاء: أبو هريرة، فإنه قال:(أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث لست بتاركهن: ألا أنام إلا على وضوء)، أي: لا ينام إلا وقد صلى صلاة الوتر، قال:(وألا أدع ركعتي الضحى)، أي: يواظب عليها ولا يتركها.
ووقت صلاة الضحى: بعد شروق الشمس بحوالي ربع ساعة أو ثلث ساعة إلى قبل صلاة الظهر بدقيقة أو بدقيقتين، وهذا وقت واسع لأن تصلي فيه صلاة الضحى، أما صلاة الضحى فأقلها ركعتين، ولا حد لأكثرها.
وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه صلاها أربعاً وثماني ركعات واثني عشرة ركعة صلوات الله وسلامه عليه، فصل ما شئت في وقت الضحى، وأهم شيء في ذلك المواظبة عليها، ولذلك قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم:(إنها صلاة الأوابين)، والأواب: الكثير الرجوع والتوبة إلى الله سبحانه، قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}[البقرة:٢٢٢] قال: (وصيام ثلاثة أيام من كل شهر)، يعني: ليس مجرد صوم رمضان فقط، ولكنه يصوم النوافل، فإذا صام مثلاً ستة أيام بعد رمضان من شوال فإنه يكتب له كأنه صام الدهر، قال:(وصيام ثلاثة أيام من كل شهر)، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب صيام النوافل، وقد ذكر لنا: أن أفضل الصوم في النوافل صوم داود: (كان يصوم يوماً ويفطر يوماً)، فالمقصود: أن يجعل الإنسان له من النوافل بحسب ما يسر الله له سبحانه.
ومن الأحاديث: ما رواه مسلم عن أبي ذر وعن بريدة أيضاً بمعناه، ولفظ حديث بريدة جاء في مسند أحمد، قال صلى الله عليه وسلم:(للإنسان ستون وثلاثمائة مفصل، فعليه أن يتصدق عن كل مفصل صدقة)، أي: في كل يوم عليه أن يتصدق بثلاثمائة وستين صدقة.
أما لفظ حديث أبي ذر في صحيح مسلم:(يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى)، فصلاة الضحى تعدل ثلاثمائة وستين صدقة.
ومن الأحاديث التي جاءت في فضل صلاة الضحى: حديث يرويه أبو يعلى بإسناد صحيح عن أبي هريرة، حيث يقول رضي الله عنه:(بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثاً فأعظموا الغنيمة، وأسرعوا الكرة)، أي: بعث سرية يجاهدون في سبيل الله، فنصرهم الله بسرعة، ورجعوا بغنيمة، قال:(قال رجل: يا رسول! الله ما رأينا بعثاً قط أسرع كرة، ولا أعظم غنيمة من هذا البعث)؛ لأن هؤلاء خرجوا وجاهدوا بسرعة، فنصرهم اللهم بسرعة، ورجعوا بغنيمة عظيمة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(ألا أخبركم بأسرع كرة منهم، وأعظم غنيمة؟ رجل توضأ فأحسن الوضوء، ثم عمد إلى المسجد فصلى فيه الغداة -صلاة الفجر- ثم عقب بصلاة الضحوة، فقد أسرع الكرة، وأعظم الغنيمة)، والمعنى: أنه انتظر في مصلاه إلى أن صلى بعد ذلك صلاة الضحى في وقتها، فهذا أسرع كرة أي: أسرع في الرجوع إلى بيته، وأعظم غنيمة أي: أجراً عند الله سبحانه وتعالى.
ومن الأحاديث العظيمة في فضل صلاة الضحى: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (قال الله عز وجل: ابن آدم! صل لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره).
وفي هذا دليل على كفاية الله ورعايته سبحانه لعبده الذي يصلي هذه الصلاة، فإذا صليت أربع ركعات في وقت الضحى حفظك الله عز وجل، ودافع عنك، وكفاك ما أهمك من أمر الدنيا، وأمر الخلق، وأمر أعدائك، وأمر الآخرة كذلك بفضله وبرحمته سبحانه.