الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته أجمعين.
أما بعد: قال الإمام المنذري رحمه الله: [الترهيب من منع الزكاة وما جاء في زكاة الحلي.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفايح من نار، فأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار.
قيل يا رسول الله! فالإبل؟ قال: ولا صاحب إبل لا يؤدي منها حقها -ومن حقها حلبها يوم وِرْدها- إلا إذا كان يوم القيامة بطح لها بقاع قرقر أوفر ما كانت لا يفقد منها فصيلاً واحداً، تطؤه بأخفافها، وتعضه بأفواهها، كلما مر عليه أولها رد عليه آخرها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار) وذكر الحديث.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(ما من أحد لا يؤدي زكاة ماله إلا مثل له يوم القيامة شجاعاً أقرع حتى يطوق به عنقه، ثم قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مصداقه في كتاب الله:{وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ}[آل عمران:١٨٠]) آية].
لقد وردت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بإعطاء الزكاة، والقرآن ذكر لنا كيف تقسم هذه الزكاة على أهلها.
وفي هذه الأحاديث الوعيد الشديد لمن منع زكاة ماله، والمال قد يكون من الذهب أو الفضة، والنقدان يقومان مقام ذلك، وقد يكون من بهيمة الأنعام: من الإبل أو من البقر أو من الغنم.
وقد يكون المال حَبّ وثمار، وقد يكون المال من عروض التجارة، وهكذا.
فما من مال للإنسان يدخل تحت ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الزكاة إلا ويلزمه أن يخرج زكاته؛ فإذا امتنع صاحب الإبل، أو صاحب البقر، أو صاحب الذهب، أو صاحب الفضة، أو صاحب التجارة من إخراج زكاة ماله فجزاؤه يوم القيامة ما نسمع في هذا الحديث، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، وبعد ذلك يرى سبيله، يعني: قبل أن ينصرف سيعذب في الموقف العظيم بين يدي الله عز وجل على منعه زكاة ماله.