[شرح حديث: (موجب الجنة إطعام الطعام)]
من الأحاديث التي جاءت: حديث المقدام بن شريح عن أبيه عن جده قال: (قلت: يا رسول الله! حدثني بشيء يوجب لي الجنة؟ فقال: موجب الجنة: إطعام الطعام، وإفشاء السلام، وحسن الكلام)، فقلب كل مؤمن لا بد وأن تكون أصول الإيمان موجودة فيه، ولكن سيزيد إيمان إنسان عن إنسان، فقد يوجد إنسان من المسلمين ولكنه عاص ويستحق النار، وأما هذا الإنسان الذي يطعم الطعام، ويفشي السلام، ويحسن الكلام فكأنه يستحق أن يدخل الجنة، وهذا الأشياء لن تكون من كافر مثلاً، ولا من إنسان ليس محصلاً لأصول الإيمان، ولكن من يفعل ذلك هو إنسان مؤمن يزيد على غيره من الناس بهذه الأشياء: أنه يطعم الطعام، أي: يبذله ويتصدق به على المحتاجين.
قال: (وإفشاء السلام) وفرق بين أن يسلم الإنسان، وأن يفشي السلام، فإذا سلم ربما سلم مرة أو مرتين، ولعله لا يسلم على بعض الأشخاص غير المعروفين أو الذين لا يردون عليه، ولكن الإنسان الذي يفشي السلام فهو لا يهمه من يسلم عليه سواء كان معروفاً أو غير معروف، سواء رد أو لم يرد، فقد يمر على ناس فيردون السلام، وقد يمر على ناس فلا يردون السلام فلا يهتم بهؤلاء فهو يفشي السلام؛ لأن السلام اسم من أسماء الله سبحانه وتعالى، وأراد الله عز وجل أن يفشى في الأرض ليتميز المسلمون بهذا التسليم العظيم، ولذلك جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا) فعلامة الإيمان والذي يقوي الإيمان في قلوب المؤمنين: المحبة بين المؤمن وأخيه التي تدفعهم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتدفعهم للتمسك بخصال الإيمان، وتدفعهم للتدافع على طاعة الله سبحانه وتعالى، والابتعاد عن معصية الله.
فيقول عليه الصلاة والسلام: (ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) يعني: أكثروا من التسليم، فيسلم الرجل على أخيه إذا لقيه، ويسلم على أخيه إذا غاب عنه ثم ظهر مرة أخرى، وإذا جلس في مجلس فيبدأ بالسلام، وإذا قام لينصرف سلم قبل أن ينصرف، لكن الأمر صار كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (دب إليكم داء الأمم قبلكم: البغضاء والحسد) إن هذا الداء الذي يزيل أمماً من على الأرض، فتستحق الفناء بذلك، هو أن يحسد بعضهم بعضاً، وأن يبغض بعضهم بعضاً، وإذا كانوا على ذلك سلط الله بعضهم على بعض، ثم سلط الله عز وجل عليهم أعداءهم.
قال صلى الله عليه وسلم: (البغضاء هي الحالقة ليس حالقة الشعر، ولكن حالقة الدين) فتحلق الدين بمعنى: أن الإنسان إذا كره إنساناً فإنه يظل يترصد له، ويتنافر معه، ويشد معه في الكلام، ويبغض بعضهم فيضيعوا أنفسهم.
ثم ذكر في هذا الحديث قال: (ألا أنبئكم بما يثبت لكم ذلك؟) يعني: يثبت المحبة في القلوب، قال: (أفشوا السلام بينكم).
وقال في حديث ابن مسعود: (السلام اسم من أسماء الله تعالى وضعه في الأرض فأفشوه بينكم، فإن الرجل المسلم إذا مر بقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم السلام).
فإذا مر المسلم على قوم فليسلم عليهم، وهو أعلا بذلك منهم درجة؛ لأنه يذكرهم باسم الله عز وجل السلام، (فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم) وهم الملائكة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم).
لذلك يجب على المسلم أن يلقي السلام ويفشيه ويكثر من ذلك كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فتكون المحبة حادثة بين المؤمنين.
نسأل الله عز وجل أن يفقهنا في ديننا، وأن يعيننا على العلم والعمل.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.