للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرح حديث: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان)]

ومن الأحاديث التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحث على الحب في الله سبحانه وتعالى، ما في الصحيحين عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان) يعني: ثلاث خصال من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان وفي رواية للنسائي (ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان وطعمه) فالإيمان له حلاوة وله مذاق في قلب الإنسان المؤمن، فيجد المؤمن الحب ويستشعره ويتذوقه في الله سبحانه وتعالى، والحب في الله يزيد من إيمان المؤمن، ويجعل الإنسان مقبلاً على الله سبحانه، وعلى من يحبه في الله سبحانه وتعالى، فيذوق طعم الإيمان، والإنسان في الدنيا يتذوق الطعام الذي يحبه، وكل ما تذكره وكل ما اشتاق إليه فحلاوة الإيمان أعظم بكثير من ذلك، فإذا ذاق المؤمن حلاوة الإيمان في قلبه فإنها لا تزول من قلبه طالما أن أسباب هذه الحلاوة موجودة، (ذاق حلاوة الإيمان من رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً) فيذوق حلاوة الإيمان ولا تزول من قلبه أبداً حتى يبتعد عن ذلك أو يقل ذلك في قلبه، فهو إما أن يزداد بزيادة إيمانه، وإما أن ينقص بضعف إيمانه، كذلك الحب في الله سبحانه وتعالى.

يذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الثلاث الخصال يجد بها المؤمن حلاوة الإيمان في قلبه، (من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما) فيحب الله سبحانه، ويحب رسوله صلى الله عليه وسلم أكثر وأعظم من حبه لكل شي، فهو يحب الله ورسوله أكثر من حبه لنفسه، ولأبيه وأمه، ولبلده ووطنه، وأكثر من حبه للدنيا جميعها.

وحب الله سبحانه له علامات، فتجد الإنسان الذي يحب الله سبحانه دائماً يذكر الله سبحانه وتعالى بلسانه وقلبه، ونيته دائماً خالصة لله، فلا يريد أن يدخل في عمله لله سبحانه شيئاً، فلا يشرك مع الله أحداً، ولا يحب أن يطلع عليه الناس، وإنما يحب أن يعرف الله وحده العمل الذي يعمله، ويجزيه الله عز وجل على هذا العمل، فهو يقدم طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم على كل شيء.

الصفة الثانية: (ومن أحب عبداً لا يحبه إلا لله)، وفي رواية (وأن يحب في الله ويبغض في الله)، فهو يحب الإنسان المطيع لله، فيكون هذا الحب حباً في الله عز وجل لا طمعاً في الدنيا، ولا طمعاً في جاه ولا في مال ولا في منصب، وإنما طمعه في رضا الله سبحانه، ولعله لا يعرف هذا الإنسان فليس بينهما نسب ولا معاملة ولا زيارات ولا غيرها، فيحبه لأنه وجده مواظباً على طاعة الله كصلاة الجماعة وغيرها من الطاعات.

الصفة الثالثة: من (يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار) فهو يبغض الكفر وأهل الكفر، ويكره أن يرجع إلى الكفر إذا كان كافراً فأسلم، وإذا كان مسلماً أصلاً فإنه يكره ويبغض أن يزول عنه الإيمان العظيم من باب أولى، وفي رواية قال: (وأن توقد نار عظيمة فيقع فيها أحب إليه من أن يشرك بالله شيئاً) أي: لو خيروه بين أن يوضع في نار عظيمة توقد وبين أن يكفر بالله لاختار أن يقع في النار على أن يشرك بالله سبحانه وتعالى شيئاً، فإذا كان إيمان العبد كذلك أذاقه الله عز وجل حلاوة الإيمان، وإذا ذاق طعم الإيمان في الدنيا فيستحيل أن يدخل النار يوم القيامة.