[شرح حديث أبي مالك الأشعري رضي الله عنه (الطهور شطر الإيمان)]
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين: أما بعد: قال الإمام المنذري رحمه الله: (الترغيب في الصلاة مطلقاً وفضل الركوع والسجود والخشوع): روى مسلم وغيره عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السماء والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها).
وروى أحمد عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: (خرج في الشتاء والورق يتهافت فأخذ بغصن من شجرة، قال: فجعل ذلك الورق يتهافت، فقال: يا أبا ذر! قلت: لبيك يا رسول الله! قال: إن العبد المسلم ليصلي الصلاة يريد بها وجه الله تتهافت عنه ذنوبه كما يتهافت هذا الورق عن هذه الشجرة).
وعن ثوبان أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (عليك بكثرة السجود لله، فإنك لا تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة، وحط عنك بها خطيئة).
رواه مسلم.
وروى ابن ماجة عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (ما من عبد يسجد لله سجدة إلا كتب الله له بها حسنة، ومحا عنه بها سيئة، ورفع له بها درجة، فأكثروا من السجود).
هذه الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم التي ذكرها الحافظ المنذري رحمه الله هي في الترغيب في الصلاة مطلقاً، وفي الترغيب في كثرة الصلاة، سواء كانت نوافل لها سبب، أو ليست لها سبب.
وأيضاً هي في فضل الركوع والسجود والخشوع.
ومن هذه الأحاديث التي ذكرها: حديث أبي مالك الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الطهور شطر الإيمان).
و (الطهور) هو: أن يتطهر الإنسان لصلاته، سواء من الحدث الأصغر أو من الحدث الأكبر، فجعله النبي صلى الله عليه وسلم نصف الإيمان، وكلمة: (الإيمان) أحياناً تأتي بمعنى الصلاة، وأحياناً تأتي بمعنى الإسلام، والغالب في معنى الإيمان: أن يؤمن العبد بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.
والإيمان في هذا لحديث بمعنى/ الصلاة، وقد جعلها نصفين، فالطهور نصفها، فمن صلى بغير طهور فإنها لا تعتبر صلاة، ولا تعتبر صلاة إلا إذا صلى الإنسان متطهراً، فكأن الطهور على النصف من ذلك، كما جاء في الحديث: (الطهور شطر الإيمان).
والمقصود به: أن يتطهر الإنسان ظاهراً وباطناً، فطهارة الباطن تكون بأن يطهر قلبه من أدناس الشرك، ومن عبادة غير الله سبحانه وتعالى، يطهر قلبه من الغلّ والحقد والحسد والغش للمسلمين، فالطهور نصف إيمان الإنسان، فعلى الإنسان أن يهتم بتطهير قلبه وبدنه.