قال:(وحجوا واعتمروا واستقيموا) فالإنسان المؤمن يستقيم في طريقه ولا يعوج يميناً ولا شمالاً عن طريق الله سبحانه وتعالى، والله عز وجل قال للنبي صلى الله عليه وسلم:{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}[هود:١١٢] أي: استقم على ما أمرك الله به، وامش على الصراط المستقيم، وما أخصر الطريق إلى جنة الله عز وجل من الطريق المستقيم، بل إن أخصر الطرق في الدنيا الطريق المستقيم، فإذا ذهبت شمالاً أو يميناً جعلت الطريق طويلاً، ولكن الطريق المستقيم يؤدي بك إلى الغاية سريعاً، فغاية المؤمن في الدنيا هي الجنة، وأخصر طريق للجنة ألا تعوج شمالاً ولا يميناً، ولا تأتي المعاصي أو الشبهات والشهوات، ولكن كن في طريق الله على الصراط المستقيم، وإن استقمت وعلم الله عز وجل في قلبك ذلك أعانك، فالله عز وجل يوجهك ويدفعك إلى طريق الجنات، ومن الأحاديث التي جاءت عنه صلوات الله وسلامه عليه: ما رواه البزار عن عمرو بن مرة الجهني قال: جاء رجل من قضاعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني شهدت أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصليت الصلوات الخمس وصمت رمضان وقمته، وآتيت الزكاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(من مات على هذا كان من الصديقين والشهداء)، وهذه بشارة عظيمة جداً من رسول الله صلى الله عليه وسلم على الأعمال اليسيرة التي تعملونها في هذا الشهر وفي غيره.
فقوله:(من مات على هذا) ليس المعنى: أنك تصوم رمضان وتقومه، فإذا ذهب رمضان انقطع هذا العمل الذي كنت تعمله، فقال:(من مات على هذا) يعني: واظب على هذا، وهي أعمال سهلة وبسيطة: شهادة أن لا إله الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإقامة الصلاة والمحافظة عليها كما أمر الله حيث ينادى بهن، فصيام رمضان وقيامه، وإيتاء الزكاة، فمن فعل ذلك، (ومات على ذلك فهو من الصديقين والشهداء)، وهم أعلى أهل الجنة درجات، قال تعالى:{فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُوْلَئِكَ رَفِيقًا}[النساء:٦٩] يعني: إذا أردت مرافقة هؤلاء فالعمل بسيط وسهل فيها، ولكن واظب على هذا العمل، فتأتي بكلمة التوحيد بحقها لا إله إلا الله، وشروط هذه الكلمة: العلم، واليقين، والقبول، والانقياد، والصدق، والإخلاص، والمحبة، والولاء والبراء، وتؤمن بأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتواظب على الصلاة حيث ينادى بها وتستقيم فيها، وتصوم رمضان وتقومه، فإن مت على ذلك كنت مع الصديقين والشهداء، قال النبي صلى الله عليه وسلم:(من مات على هذا كان من الصديقين والشهداء).