الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحابته أجمعين.
إذا أفطر المسلم في رمضان بعذر كسفر أو مرض، أو المرأة بعذر الحيض أو النفاس، فالواجب عليهم أن يأخذوا عدة من أيام أخر بعد شهر رمضان، ولا يشترط أن تكون هذه الأيام متواصلة أو متتابعة، وإنما يجوز أن يقضي الأيام متتابعة، ويجوز أن يفرقها بحسب ما يستطيع، فإذا كان هذا الذي أفطر في نهار رمضان بعذر من الأعذار، كالإنسان المريض واستمر مرضه بعد رمضان، فعلى ذلك عليه القضاء حين يشفيه الله سبحانه وتعالى، فإذا شفاه وجب عليه القضاء، فإذا استمر مرضه هذا حتى يموت فلا شيء عليه؛ لأنه لم يتمكن من أداء هذا الصوم، فليس عليه شيء ولا على أوليائه، فأولياؤه لا يطعمون عنه ولا يلزمهم ذلك، وإذا أطعموا فهذا خير لكن لا يجب عليهم، فلا يجب على المريض القضاء لأن العذر استمر به حتى لقي الله سبحانه وتعالى، ولكن إذا كان بعد رمضان قد شفاه الله سبحانه وتعالى وبعد ما شفاه الله كسل وترك ولم يقض، وبقيت فترة يستطيع فيها القضاء ولم يفعل، فهنا على أوليائه أن يخرجوا عنه عن كل يوم إطعام مسكين، يعني: كل يوم من ماله الذي تركه، أو لهم الخيار بأن يصوموا عنه عن كل يوم يوماً، فإما أنه يلزمه القضاء فلا يقضي وقد ذهب عليه ما كان عليه من مرض ثم بعد ذلك مات فإنه يلزم أولياءه أن يخرجوا عنه من ماله الدين الذي عليه وهو إطعام مسكين عن كل يوم، ولهم أيضاً أن يصوموا عنه كما سيأتي، عن كل يوم يصومون يوماً سواء صام عنه واحد أو مجموعة قسموا على أنفسهم الأيام التي كانت عليه، ولو أن هذا الإنسان المريض في رمضان صحا بعد رمضان ولم يقض حتى دخل عليه رمضان الذي يليه وهو لم يقض رمضان الماضي، فالأيام التي كان مريضاً وأفطرها بعذر يلزمه قضاؤها وهي معلقة بعنقه، ولكن هل يلزمه مع هذا القضاء أنه يطعم مسكيناً باعتبار أنه دخل عليه رمضان آخر، فقصر في خلال العام مع قدرته، ذهب الشافعي وأحمد إلى أنه يلزمه أن يطعم عن كل يوم مسكيناً مع القضاء، أي: يقضي ويطعم مع كل يوم مسكيناً، لكن الراجح: أنه يلزمه أن يتوب إلى الله عز وجل ويقضي عن اليوم يومه، فإذا أطعم كان حسناً أن جمع بين الإطعام والصيام، لكن لا يلزمه وجوباً، وهذا هو الراجح لعدم الدليل على ذلك، وقلنا: لا يجب أن يكون فوراً ولا متتابعاً هذا الراجح.