ومن صيام التطوع صيام ستة أيام من شوال، وكثير من الناس يسمونها أيام البيض وهذا خطأ، فليست أيام البيض إنما اسمها الست من شوال، ويستحسن أن يكون صيامها بعد رمضان مباشرة حتى لا تنسى ولا تضيع، ولكن سواء كانت بعده مباشرة أو بعده بفترة فهي الستة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم.
ففي صحيح مسلم عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:(من صام رمضان ثم أتبعه بست من شوال، أو ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر)، أي: كأنه صام العمر، وهذا للمواظب عليها وعلى صيام رمضان، فإن الحسنة أقل ما يكون فيها بعشر أمثالها، فصيام رمضان يكون بعشرة شهور، وصيام ستة أيام من شوال بشهرين، وهذا كصيام العام كله، فمن واظب على ذلك كأنه صام الدهر كله أي: عمره كله، وهذه الست من شوال يجوز للمسلم أن يصومها بعد رمضان مباشرة حتى ولو كان عليه صوم من رمضان بأن كان مسافراً أو مريضاً فأفطر أو أفطرت المرأة بسبب حيضها أو نفاسها أو إرضاعها أو حملها ونحو ذلك، فإذا أرادت أنها تصوم الست من شوال ابتداء يجوز ذلك، ولا دليل على المنع، وإن كان بعض أهل العلم يقولون: إنه لا يقع صوم شوال حتى يقع صوم الفريضة، ولكن لا دليل عليه أصلاً، بل الدليل على خلافه، فالسيدة عائشة رضي الله عنها تقول: (كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان، ويستحيل أن السيدة عائشة تعرف فضيلة يوم عاشوراء وفضيلة يوم عرفة وتضيع صيامها، ولا تصوم إلا في شعبان، فهي هنا تقصد بصيامها: الفريضة على ما فسرناه في الحديث السابق.
وصيام ستة أيام من شوال يجوز أن تكون متتابعة ويجوز أن تكون متفرقة.