للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فضل قراءة سورتي البقرة وآل عمران]

وقوله صلى الله عليه وسلم: (اقرءوا الزهراوين البقرة وسورة آل عمران فإنهما تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان، أو كأنهما غيايتان، أو كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن أصحابهما)، كلنا يعرف الفضيلة في هذه السور، وقد سمعنا قبل ذلك مراراً هذه الأحاديث، إنما المسلم يتذكر حين يسمع ذلك، ويقول: لماذا لا أحفظ القرآن؟ لماذا لا أحفظ ولو آيات؟ والله عز وجل إذا علم مني المحاولة والحرص على ذلك لعله يعطيني الأجر ولو لم أحفظه، والله كريم وعظيم، وكم من إنسان يؤجر على نيته من غير أن يعمل، يحاول أن يعمل ويحاول ويحاول فلا يصل، فالله عز وجل يعطيه على نيته هذه، كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم فيمن يرى عالماً من العلماء يتصدق فيقول: يا ليتني مثله، وهو لا مال عنده، ولا علم، ولكن تمنى وعلم الله صدق نيته فجعله مثله، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

وهاتان السورتان تشفعان لأصحابهما يوم القيامة، ويجعل الله للعبد ما كان يقرؤه من هاتين السورتين على رأسه كغمامتين، فالبقرة وآل عمران تكونان غمامتان وسحابتان تظلان صاحبهما.

وقد كان من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم في حياته التي يراها الناس أنه كان يمشي في الشمس المحرقة وإذا بالله يرسل فوقه سحابة تظله، فكان الرهبان ينظرون ويقولون: هذا نبي، وعرفوا النبي صلى الله عليه وسلم أنه نبي حين رأوا سحابة تظله وهو يسير صلوات الله وسلامه عليه.

والإنسان في الدنيا يمكن أن يجد شيئاً يظله كجدار مثلاً، أما يوم القيامة فأين يذهب من الشمس؟ وقد دنت الشمس من الرءوس فلا يقدر على الهرب منها، وقد حشر الناس في مكان لا يقدرون على الفكاك، ولا على الهرب من هذا المكان، فتأتي سورة البقرة وسورة آل عمران على هذه الهيئة كأنهما سحابتان أو غيايتان أو غمامتان في السماء، أو فرقان: أي مجموعتان عظيمتان من طير صواف.

نقرأ في التاريخ أن سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام كانت الطيور تقف فوق رأسه تظله بأجنحتها، وهذا في الدنيا، لكن يوم القيامة سورة البقرة وسورة آل عمران تكون على هذه الهيئة فوق رأس صاحبها يوم القيامة تظله، بل تمشي معه إلى ربها سبحانه تبارك وتعالى وتدافع وتحامي عنه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تحاجان عن صاحبهما)، وكل من يحفظ البقرة وآل عمران له هذه الفضيلة.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اقرءوا) يحث على قراءة سورة البقرة، وهي مليئة بالأحكام، والمواعظ، وقصص السابقين، والإخبار عما يكون في يوم القيامة، وفيها كثير من مسائل العقيدة، والفقه، وغير ذلك، فهي سورة عظيمة فيها أعظم آية في كتاب الله عز وجل وهي آية الكرسي.

فالمؤمن حين يعلم ذلك يحرص على أن يحفظ هذه السورة لتشفع له يوم القيامة عند الله سبحانه تبارك وتعالى.

يقول صلى الله عليه وسلم: (اقرءوا سورة البقرة فإن أخذها بركة) فإذا حفظت هذه السورة صارت بركة بداخلك، وبركة في قلبك، وبركة في بيتك، وبركة في رزقك، وبركة في معاملاتك، وبركة في كل شيء، فهي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فإن أخذها بركة وتركها حسرة).

والإنسان يتحسر يوم القيامة حين يرى أصحاب سورة البقرة وآل عمران تظلانهم، وهو ليس عنده ظل، وكان بإمكانه أن يحفظ فلم يفعل ذلك، وكان عنده وقت فضيع الوقت في اللعب واللهو، في التسالي، والسير في الطرقات ونحو ذلك وتناسى أن يحفظ كتاب الله عز وجل، أو شيئاً من كتاب الله ينتفع به يوم القيامة.

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ولا تستطيعها البطلة)، أي: أن السحرة لا تستطيع أن تفعل شيئاً بصاحب سورة البقرة الذي يقرؤها ويحفظها، ويوقن بها، والذي يؤمن بربه سبحانه وتعالى، فما يقدرون على شيء من صاحب سورة البقرة، فاحفظ سورة البقرة تنجيك في الدنيا، وتنجيك في الآخرة، وعليك أن تحفظ هذه السورة مؤمناً بالله سبحانه وتعالى مصدقاً بالثواب العظيم المترتب على ذلك.