يجوز الأكل والشرب والجماع إلى طلوع الفجر الثاني أي: الفجر الصادق، لقوله سبحانه:{فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ}[البقرة:١٨٧]، ولو أن إنساناً يقف وينظر إلى الفجر وينظر إلى الأفق أمامه بين المشرق والمغرب حتى يتبين له الفجر وما زال يشك، هل طلع الفجر أم لم يطلع؟ فطالما أنه يشك فله أن يأكل حتى يتبين له ذلك، وهذا قد يختلف باحتمال النظر، فمن الناس من نظره قوي، وهذا نظره أضعف منه، فإذا تبين طلوع الفجر لك وجب عليك الصوم، لكن الآن لدينا الساعة ونعرف طلوع الوقت الصادق عن طريقها، فإذا تأكدْنا أنَّ هذا وقت الفجر فلا يجوز لنا أن نأكل أو نشرب، بل من كان في فمه طعام فليقذف هذا الطعام على ما قدمنا في بحث قبل ذلك.
جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه أرسل رجلين ينظران في الفجر، فقال أحدهما: أصبحت، وقال الآخر: لا، وكان ذلك بعد ما عمي رضي الله عنه، ففي آخر حياته صار ضريراً رضي الله عنه، فكان يرسل من ينظر في الفجر، فأرسل رجلين فقال الأول: أصبحت، وقال الثاني: لا، فقال: اختلفتما، أرني طعامي أو أرني شرابي فشرب رضي الله عنه؛ لأنه ذكر في الآية التبين، والآن لم يتبين، ولكن يختلف أنظار الناس، فمن تبين له بالنظر أن الفجر طلع لم يجُزْ له أن يأكل ولا أن يشرب، ومن عرف بالساعة أن الآن وقت الفجر الصادق فعلى ذلك لا يجوز له أن يأكل أو يشرب بعد طلوع الفجر.