[صوم يوم الجمعة]
ويكره أن يصوم الإنسان يوم الجمعة, أما يوم الشك فيحرم إلا أن تكون هناك عادة للإنسان في صيامه؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يصومن أحدكم يوم الجمعة إلا يوماً قبله أو بعده)، فيكره صوم يوم الجمعة وحده، لكن لو أنك تصوم يوماً وتفطر يوماً فوافق يوم صومك يوم الجمعة فيجوز أن تصومه, وكذلك لو أنك تصوم الخميس مع الجمعة أو الجمعة مع السبت فيجوز لك ذلك, وجاء في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي, ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم)، فيوم الجمعة لا يخصص بصيام, وإن شئت صومه فصم معه يوماً قبله أو يوماً بعده, ولا مانع من ذلك, وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم (أنه دخل على جويرية بنت الحارث يوم جمعة فوجدها صائمة فقال: أصمت أمس، قالت: لا، فقال: تريدين أن تصومي غداً, فقالت: لا, فقال: فأفطري)، فأمرها أن تفطر؛ لأنها لم تصم يوم الخميس ولن تصوم يوم السبت, وجاز صيام يوم الجمعة بسبب من الأسباب كأن يكون قضاء، أو نذراً.
وأما الحكمة في كراهية صيام يوم الجمعة فهي أن يوم الجمعة يوم عيد للمسلمين وفيه أعمال قد يشغلك الصوم عنها إذا لم تكن معتاداً على الصوم, فيوم الجمعة تريد أن تذهب للمسجد مبكراً، ولعلك إن كنت صائماً ترغب أن تنام قليلاً فيضيع عليك التبكير إلى المسجد, والتبكير إلى المسجد فيه أجر عظيم جداً, وحضور صلاة الجمعة, وسماع الخطبة من الإمام تؤجر عليها، فيغفر لك ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة عشرة أيام, وفي ذهابك إلى صلاة الجمعة سواء كان المسجد قريباً أو بعيداً أجر عظيم كما في الحديث عن يوم الجمعة: (من بكر وابتكر, وغسل واغتسل, ومشي فلم يركب, وصلى ما كتب الله له إلا كتب له بكل خطوة أجر سنة صيامها وقيامها)، وهذا أجر عظيم جداً, فإذا خطوت ألف خطوة كتب لك أجر ألف سنة.
وبعد أن تصلي صلاة الجمعة وترجع إلى بيتك وتقرأ سورة الكهف سواء قبلها أو بعدها، وتكثر من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الجمعة ويومها, ثم تأتي الساعة التي بعد صلاة العصر قبل المغرب وهي آخر ساعة من الجمعة, فهي ساعة إجابة للدعاء.
إذاً: فيوم الجمعة فيه انشغال بطاعات أخرى فلعلك إن انشغلت بالصوم أن تضيع الكثير من هذه الطاعات, ولذلك كره النبي صلى الله عليه وسلم أن تصوم يوم الجمعة وحده, فإن شئت فصم يوماً قبله معه أو يوماً بعده معه, وكان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، ويكثر من صوم يوم الجمعة، وقلما يفطر فيها؛ لأنه كان يكثر من صوم يوم الخميس، والله أعلم.
نكتفي بهذا القدر, وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم, وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحابته أجمعين.