يقول: وجاءت في الصحيح أحاديث تقتضي استحباب رفع الصوت بالقراءة، وأحاديث تقتضي الإسرار والإخفاء.
جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:(أن الذي يجهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة)، وعلمنا أن الأفضل في الصدقة هو ما قال الله فيها:{إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}[البقرة:٢٧١]، أي: إن الأخير لكم والأفضل أن تخفوها.
وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال لـ أبي بكر:(ارفع من صوتك شيئاً)، وقال سبحانه وتعالى:{وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا}[الإسراء:١١٠].
إذاً: القراءة تختلف باختلاف الأحوال، فإذا خشي الرياء على نفسه، أو أن يزعج غيره فليخفض صوته بالقراءة، ويسمع نفسه فقط، وإذا كان في مجلس يسمعون لقراءته فليرفع صوته ويسمعهم، سواء كان في بيته أو في مسجده بحسب الحال، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أن يشوش البعض على البعض الآخر.
ويسن تحسين الصوت بالقراءة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:(ليس منا من لم يتغنّ بالقرآن)، والقرآن لا يلحق به غيره، فلا يقال باستحباب تجويد الحديث، ولا يقال باستحباب تجويد الخطبة.
والمقصود بالتجويد هنا: التغني، فيتغنى أثناء القراءة، وأما في تكبيرة الإحرام والتسليم والدعاء فكل هذا غير مستحب، وإنما القرآن فقط هو الذي له هذه المزية، ولا يلحق به غيره.