حتى تجب زكاة الفطر على العبد لا بد من ثلاثة شروط: الأول: الإسلام، الثاني: الحرية، الثالث: اليسار، فتؤدى عن الصغير والكبير، والذكر والأنثى من المسلمين، ولا تؤدى عن غير المسلمين، فلو كان للمسلم أبوان كافران فلا يجب عليه أن يخرج عليهما، ولا على أبنائه وزوجته إذا كانوا غير مسلمين، ولو كان عنده عبيد غير مسلمين فلا يخرج عنهم كذلك، وإنما تخرج الزكاة عن المسلم.
الحر فالذي يملك مالاً يلزمه أن يخرجها بشرط اليسار.
واليسار: هو أن يجد المسلم ما يزيد عن قوت يومه وليلته، وأما زكاة المال فإنها لا تجب إلا إذا بلغ هذا المال نصاباً، ومر عليه الحول، فعندما يكون المسلم غنياً، والأنصبة حددتها الشريعة الحكيمة.
فشرط زكاة الفطر ليس ملك النصاب، ففي يوم العيد لا بد أن تعم الفرحة جميع المسلمين، فلا يأكل أحد والثاني إلى جانبه جائع، فمن كان عنده في يوم العيد ما يزيد على قوت يومه وليلته فليخرج هذه الزيادة، وهذا من الرحمة والتكافل الاجتماعي في الإسلام، ففي يوم العيد لا يبقى أحد فقيراً، فالكل يأكل، ولذلك كانت هذه الزكاة طعاماً، وهذه حكمة عظيمة، فقد لا يكون في البلد دكاكين يباع فيها الطعام يوم العيد، فيعطى الفقير طعاماً، ولا يعطى نقوداً؛ لأنه قد لا يجد من أين يشتري الطعام فيبقى جائعاً.
فالاعتبار باليسار والإعسار حال الوجوب، فمن فضل عنه قوته وقوت من تلزمه نفقته ليلة العيد ويومه ولو صاع فهو موسر.
والصاع مكيال يتسع حوالي كيلو ونصف تمراً، فلا هو قليل ولا كثير يشق على الناس.
وفي ذلك رفق ومواساة، فهو رفق بالإنسان الذي يخرج المال فلا يخرج ماله كله، والمواساة للفقير، فيأكل كما تأكل الناس.
فلو أن المسلم يملك صاعاً زائداً فيخرج عن نفسه ولا يلزمه أكثر من ذلك؛ لأن هذا هو الذي توفر عنده، فإذا كان لا يملك زيادة على قوت يومه وليلته لا يلزمه شيء، كما لا يجب عليه أن يستدين ليخرج زكاة الفطر، ولا تستقر في ذمته بعد ذلك؛ لأن وقت الوجوب قد انتهى، بخلاف من كان قادراً ولم يفعل فإنها تلزمه وتصير ديناً في عنقه.
فاشترط العلماء أن يكون هذا المال الزائد زائداً على طعام يوم العيد وليلته، فائضاً عن حاجته، فقد يكون عنده مال ولكنه يحتاجه للعلاج مثلاً أو لإيجار المسكن أو غيره من حوائجه الأصلية، ففي هذه الحالة لا تجب عليه زكاة الفطر، فبعد أن يقضي هذه الحاجات يخرج الزكاة، ولو لم يبق معه فاضلاً عن حاجته إلا الشيء القليل أخرجه لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم).