قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين:(مثل الذي يقرأ القرآن وهو حافظ له مع السفرة الكرام البررة)، السفرة الكرام البررة الذين جعلهم الله ملائكة من نور سفراء لله عز وجل بينه وبين أهل الأرض، وجبريل حفظ القرآن ونزل به من السماء سفيراً على النبي صلى الله عليه وسلم ليعلمه، فحفظه منه النبي صلى الله عليه وسلم، فهذا الإنسان الذي يحفظ منزلته مع هؤلاء، مع الملائكة السفرة الكرام البررة، ومثل الذي يقرأ ويتعاهده ولكن حفظه ضعيف، يحفظ وينسى، يحفظ ويتعتع وهو عليه شديد فله أجران، فالإنسان الذي يحاول ويتعب نفسه لا يعدم خيراً من الله عز وجل، فهو يقول له: لك أجران، أجر على أنك قرأت القرآن، والأجر الثاني على أنك تتعتع فيه، وأنت لا تقدر على القراءة الصحيحة، فلك أجر على ذلك أيضاً، ولن يعدم الإنسان خيراً من هذا الكتاب العظيم.
ومما جاء عنه صلوات الله وسلامه عليه قوله:(من قرأ حرفاً من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها)، انظر إلى هذا الفضل في قراءة القرآن العظيم، وفي كل حرف منه؛ فحرف واحد قال فيه صلى الله عليه وسلم:(لا أقول الم حرف)؛ لأنه عند العرب أحياناً يطلق الحرف على كلمة، فالنبي صلى الله عليه وسلم حتى لا يتوهم الناس أن الحرف بمعنى كلمة قال:(ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف)، والحرف بعشرة حسنات، فكم تنال من حسنات حين تقرأ آية أو آيتين، أو عشرين آية، أو مائة آية! فاقرأ تؤجر الأجر العظيم من الله، واحذر أن تمل من القرآن العظيم.
ومما جاء عنه صلوات الله وسلامه عليه -وقد ذكرناه قبل ذلك- قوله في الحديث:(من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)، فالإنسان الذي يسلك طريقاً يطلب فيه علم كتاب الله، وعلم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يسهل الله له طريقه يوم القيامة، ويزيل الحواجز والعقبات عنه وهو ذاهب إلى الجنة، فيمر فوق الصراط فإذا بالله يسهل له، فيا من كنت تسلك طريقاً تلتمس فيه علماً ستجد الناس يمرون فوق الصراط منهم من يمشي، ومنهم من يحبو، ومنهم من يقوم ويسقط، ومنهم من تلفحه النار، ومنهم من تأخذه خطاطيف جهنم، وتجد نفسك أنت يا حافظ القرآن تسرع فوق الصراط المستقيم كالبرق، وكالريح المرسلة، وكأجاويد الخيل، وكطرف العين، وهذا أسرع ما يكون، نسأل الله عز وجل أن يجعلنا جميعاً كذلك، فهذا فضل الله، والسبب في ذلك أنك تذهب لدروس العلم، وتذهب لتتعلم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتتعلم دين الله، وتسلك الطريق تبتغي طلب العلم، فالله عز وجل يعطيك هذا الفضل يوم القيامة.