من المسائل التي أشرنا إليها قبل ذلك أنه إذا طلع الفجر وتبين له وفي فمه طعام فليلفظه، أما من لم يتبين له الفجر، بل ما زال شاكاً، فهذا إذا كان أشكل عليه هل طلع الفجر أو لم يطلع ومعه طعام أو ماء فليشرب وليأكل، وعلى هذا يتنزل حديث النبي صلى الله عليه وسلم في هذا المعنى، لكن إذا كان قد تبين له فعلم يقيناً بطلوع الفجر فالآية أخبرت أنه لا بد من الصوم الآن، قال تعالى:{ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ}[البقرة:١٨٧] يعني: ابدأ صومك من طلوع الفجر الصادق، والأحاديث الكثيرة جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيها أن الفجر فجران: فجر يحل الطعام والشراب، وفجر يحرمه، فالفجر الصادق يحرم الطعام والشراب، سواء كان الطعام أو الشراب على فيك أو ليس على فيك، أما حديث:(إذا أذن المؤذن والإناء على يد أحدكم فلا يضعه حتى يشرب) فهو حديث صحيح رواه أبو داود وغيره، لكن معناه: إذا كان أحدكم سمع المؤذن ولم يتبين طلوع الفجر وما زال في شك، فهو لا يدري هل المؤذن أذن في الوقت أو قبله؟ فهذا له أن يشرب كما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه أرسل رجلين ينظران في الفجر، أحدهما قال: طلع الفجر، والآخر قال: لم يطلع، قال: شككتما، وكان ابن عباس قد أضر في آخر حياته في بصره، فقال: اختلفتما، ناولني شرابي.
إذاً: طالما أنه شك حتى ولو أذن المؤذن فله أن يشرب هذا إذا كان يرى أن المؤذن أذن قبل الفجر، أما إذا استيقن أن الفجر قد طلع فليس له أن يشرب، بل إذا كان الطعام في فمه لزمه أن يلفظه، وإذا كان مجامعاًَ أهله لزمه أن ينزع وإلا يلزمه القضاء.