وعند الحنابلة هي فرض كفائي، ومعنى فرض كفائي أي: أنها ليست فرضاً عينياً، ولكن إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين، فهذا قول قريب.
والأحناف لهم قولان في حكمها: فـ أبو حنيفة قال: إنها واجبة، وباقي الأحناف قالوا: هي سنة، واختاروا ذلك مع قولهم: إنها من شعائر الدين، يعني: لو اجتمع المسلمون في مكان على أن يتركوها فيمنعون من ذلك، ويؤمرون بالصلاة حتى ولو قوتلوا على ذلك.
وأجمع المسلمون على أن صلاة العيد مشروعة، وعلى أنها ليست فرضاً عينياً.
وهذا نقله الإمام النووي في المجموع أي: أنها ليست فرضاً عينياً، فإذا جاء من يقول: إنها فرض عين، فيرد عليه بالإجماع، فالإجماع على أنها ليست فرضاً عينياً، وإنما الخلاف في هل هي سنة مؤكدة أم فرض كفائي؟ ففي الحالتين لم تكن واجبة على جميع الناس.
والدليل على أنها ليست فرضاً عينياً: الحديث الذي في الصحيحين: (أن أعرابياً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس فقال: يا رسول الله! أخبرني ماذا فرض الله علي من الصلاة؟ فقال: الصلوات الخمس إلا أن تطوع شيئاً)، وربنا فرض الصلوات الخمس، وسمى غيرها تطوعاً، فمن هذا الباب صلاة العيد، وفي نهاية الحديث قال:(أفلح إن صدق) يعني: لما قال: لا أزيد على ذلك.
أما من قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أمرنا) تقول أم عطية: (أمرنا أن نخرج فنخرج الحيض والعواتق وذوات الخدور، فأما الحيض فيشهدن جماعة المسلمين ودعوتهم ويعتزلن مصلاهم) فهذا لا حجة فيه، فقد ذهب البعض إلى أن هذا حجة قوية؛ لأن صلاة العيد فرض عين، وهذا ليس فيه حجة؛ لأن المرأة الحائض لا صلاة عليها أصلاً، فإذا أمرها النبي صلى الله عليه وسلم بالخروج فإنه لم يأمرها بصلاة العيد أصلاً، فهذه إذا أمرت فهو محمول على الندب، وليس على الوجوب؛ لأنها لم تصل أصلاً.