متى نوت الحائض الصوم تعبداً لله وأمسكت مع علمها بتحريم ذلك أثمت ولم يجزئها؛ لأنه لابد وأن تنتفي موانع الصيام، ولو أن إنساناً أراد أن يصلي وهو على غير وضوء، والماء موجود أمامه فهو آثم؛ لأنه استهان بأمر الصلاة، وأراد أن يقف بين يدي الله عز وجل على غير الحالة التي أمر أن يقف بها، فهو مأمور أن يتطهر، وأن يقف بين يدي الله عز وجل وهو طاهر، فلو أنه فعل ذلك لما قبلت منه هذه الصلاة ويأثم على ذلك؛ لأنه تقرب بما جعله الله عز وجل حراماً، بل لو دخل في الصلاة وأحدث لزمه أن يخرج منها، ولا يجوز له أن يكملها.
وكذلك المرأة الحائض والنفساء إذا أرادت أن تتقرب لله عز وجل بالصيام وهي ممنوعة منه فلا يجوز لها ذلك وتأثم عليه.
وكذلك الإنسان الذي يأتي في يوم العيد مثلاً ويقول: أتقرب إلى الله في هذا اليوم بالصوم، فهذا يأثم بذلك؛ لأنه لا يجوز للإنسان أن يتقرب إلى الله إلا بما أراده وبما يقبله منه، فلا يتقرب إليه بما يرده عليه، وبما نهاه عنه سبحانه.
وأما لو أمسكت الحائض أو النفساء لا بنية الصوم لم تأثم بذلك، طالما أنها لم تنو التقرب إلى الله بالصيام، فربما تركت الأكل لأنها لا تريده لا لأنها صائمة، فالصوم إمساك مع نية، أما إذا وجد الإمساك ولم توجد النية فلا يكون ذلك صياماً.