[حكم المكث في المسجد للحائض والجنب]
ومن أحكام المساجد: أنه يحرم على الجنب المكث فيها، فقد طهر الله عز وجل بيته، وأمر الموجودين فيه أن يكونوا طاهرين من الحدث الأكبر، فإذا جاء وقت الصلاة وجب على المرء أن يتوضأ، فإذاً يجوز المكث في المسجد مع الحدث الأصغر حتى يدخل في الصلاة.
وأما الجنب أو المرأة الحائض أو النفساء: فليس لهم أن يمكثوا في المسجد، بل يحرم عليهم ذلك.
ولقد ذكر الله تبارك وتعالى لنا أحكام المساجد فقال: {لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلا جُنُبًا} [النساء:٤٣] إذاً فلا تقرب الصلاة وأنت جنب، وأما المساجد فيجوز لك أن تقربها وتدخلها وأنت على جنابة إذا كنت عابر سبيل، فلا عبور سبيل في الصلاة، وإنما عبور السبيل يكون في المساجد بيوت الله عز وجل.
فالإنسان الذي على جنابة يجوز له أن يعبر السبيل من المسجد إذا كان في طريقه إلى مكان الماء ليغتسل، فهنا يعبر منه، لكن إذا كان المسجد ليس طريقاً إلى مكان الإغتسال، فليس له أن يقرب المسجد وهو على جنابة.
إن الجنب طاهر، والمني الذي يخرج من الجنب طاهر، فلو أنه أصاب شيئاً لم يجب عليك أن تغسله، ولكنك محدث حدثاً أكبر، ويلزمك أن ترفع هذا الحدث.
والمرأة الحائض محدثة حدثاً أكبر، فيجب عليها الغسل، ولو أصاب دمها الأرض فلا بد من غسل الأرض أو الشيء الذي نزل عليه.
فإذا: قال الله عز وجل: {وَلا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ} [النساء:٤٣] فمن باب أولى الحائض والنفساء، فليس لهما أن يدخلا المسجد في مثل هذه الحال.
لكن يجوز لهن حضور صلاة العيد في المصلى، والمصلى ليس بمسجد، وإنما هو مكان ملحق به، وهو مكان خارج المسجد تصلي فيه النساء إذا كان الرجال يصلون في المسجد، أو إذا كان الجميع يصلون العيد في الصحراء، فالمرأة تحضر حتى تستمع للذكر، وحتى تشهد الخير ودعوة المسلمين.
إذاً: فإذا كانت المرأة حائضاً أو نفساء، أو كان الرجل على جنابة فليس لهم أن يمكثوا في المسجد حتى يتطهروا.
ولو احتلم إنسان في المسجد وجب عليه أن يخرج، وذلك كان يكون معتكفاً في المسجد وحدث له ذلك، ولا يوجد في المسجد دورة مياه، فوجب عليه أن يخرج ليغتسل، ثم يرجع إلى بيت الله سبحانه، إلا إذا عجز عن الخروج كأن تكون أبواب المسجد مغلقة ولا يستطيع أن يخرج، فهو معذور في هذه الحالة، أما إذا لم يكن له عذر فيجب أن يخرج من المسجد حتى يغتسل.
وكذلك إذا خاف على نفسه أو ماله إن خرج من قطاع الطريق، أو أن يسرق منه ماله، فهو معذور أن يمكث في المسجد إلى أن يزول الخوف، وهذا إذا كانت المساجد ليست فيها دورات مياه، وأما الآن فكل المساجد تقريباً فيها دورات مياه، إذاً فيلزمه أن يغتسل إلا إذا خاف على نفسه من البرودة أو المرض.
إذاً فيجوز للمحدث حدثاً أصغر أن يمكث في المسجد، كأن يجلس بعد صلاة الظهر ينتظر صلاة العصر في المسجد، والأفضل له أن يكون على وضوء؛ لأنه إذا كان على وضوء فإنه يكتب له أجر الصلاة مع أنه لا يصلي، وإنما جالس فقط ينتظر الصلاة، وأما المحدث حدثاً أكبر فهو الذي لا يجوز له ذلك، سواء قعد لغرض شرعي منتظر للصلاة، أو في اعتكاف مثلاً، أو ليسمع القرآن، أو يسمع درس علم، أو موعظة أو غير ذلك.
ويجوز النوم في المسجد مع الحاجة، فإذا كان الإنسان معتكفاً في بيت الله عز وجل فيجوز له أنه ينام فيه إذا كان له عذره في ذلك.