للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[اختلاف العلماء في جواز صيام النافلة قبل القضاء]

عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان) هذا في الصحيحين، تذكر السيدة عائشة رضي الله عنها أنه كان يكون عليها القضاء من أيام من رمضان، فلا تقدر على القضاء حتى شعبان، فيمر عليها إحدى عشر شهراً حتى تقضي هذه الأيام، لكن خلال الإحدى عشر شهراً هل صامت تطوعاً، كصيام يوم عرفة وفيه ما فيه من الثواب العظيم، وصيام يوم عاشوراء وفيه ما فيه من الثواب العظيم؟ الراجح: أنها صامت التطوع ولكن هي تتكلم هنا عن قضاء رمضان، وهذه مسألة مختلف فيها بين العلماء.

هل الذي عليه أيام رمضان يجب عليه أن يبدأ بها بحيث لا يصح منه نافلة حتى يأتي بالفريضة، هذا قاله بعض أهل العلم، وهذا فيه نظر، أي: لو كان الأمر على ذلك لما كانت السيدة عائشة رضي الله عنها تؤخر صوم رمضان إلى شعبان من العام الآتي، فصوم رمضان واجب وهي تذكر أن هذا بسبب انشغالها برسول الله صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يدور على نسائه بالنهار وعلى جميع بيوته، وبالليل يبيت مع واحدة من نسائه صلوات الله وسلامه عليه، فالسيدة عائشة كانت تنتظر لعله يأتيها النبي صلى الله عليه وسلم ولعله يطلبها، ولعله يريد حاجة الرجل من المرأة التي يدخل عليها، فلعله يأتيها بالنهار فيريد حاجته منها فهل تقول له: أنا صائمة صوم فريضة فلا يقدر أن يبطل عليها هذا الصوم، لكن صوم النافلة هو أمير نفسه كالذي يتصدق تطوعاً إن شاء أكمل صومه، وإن شاء أفطره، فإذا دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار ولعله يسألها: هل من طعام؟ فتقول له: نعم، فتقدم له الطعام فيقول لها: تعالي كلي معي، فتقول: لا، أنا صائمة، فلعله يضايقه ذلك صلى الله عليه وسلم إذا كان فريضة، أما إذا كان تطوعاً فمن الممكن أنها تفطر وتأكل مع النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك.

وشهر شعبان كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر الصيام فيه تطوعاً صلوات الله وسلامه عليه، فلذلك السيدة عائشة رضي الله عنها كانت تستغل هذه الفرصة، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم في شهر شعبان كان يصوم أكثره أو كله، فتقضي الأيام التي كانت عليها في دورة أيام الحيض الواجب على ذلك، أما القضاء على الفور فهذا غير واجب، ولكن الواجب أن يقضيه في خلال العام قبل رمضان الذي يأتيه، وتتابع الصوم أيضاً لا يجب أن يكون متتابعاً، فله أن يصوم يوماً ويفطر يوماً، ويصوم يومين ويفطر أسبوعاً بحسب ما تيسر له حتى يقضي ما عليه من الصيام.