[استثناء المسجد النبوي من سائر المساجد في دخول قبر النبي صلى الله عليه وسلم]
أما المسجد النبوي فلا يقاس ولا يلحق به غيره؛ لأنه أخبر أنه يدفن حيث يموت صلى الله عليه وسلم، ومات في غرفته صلوات الله وسلامه عليه، وغسل فيها ودفن فيها حيث مات صلى الله عليه وسلم، فلما وسعوا المسجد صار القبر بداخل مسجده عليه الصلاة والسلام.
وكان الصحابة رضوان الله عليهم يتحرون أن يكون القبر بعيداً عن مسجده صلى الله عليه وسلم، أو على الأقل لا أحد يسجد إلى القبر، فبنوا سوراً بحيث يحرف عن القبر، فلا يسجد أحد إلى قبره صلى الله عليه وسلم، ثم بعد ذلك وسع المسجد على ما هو معروف عليه الآن، ومكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يلحق به غيره، ويحرم أن يحول من مكانه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أخبر أنه يدفن حيث يموت.
وهذا خاص به صلى الله عليه وسلم، وليست سنة كما يزعم بعض من يكذبون ويقولون: إن اتخاذ القبور على المساجد سنة النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعون على من يحرمون ذلك، ويقولون: أماتوا السنة أماتهم الله، ألا لعنة الله على الكذابين، ولعنة الله على من يكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، ويفتري عليه أن هذه من سنته، والله ما هي من سنته، وإنما حرم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، وقال:(إني أنهاكم عن ذلك) صلوات الله وسلامه عليه.
فلا يحل لأحد أن يبني مسجداً على قبر لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك.
وروى الإمام أحمد عن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه أنه قال:(كان آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم: أن أخرجوا يهود الحجاز من جزيرة العرب، واعلموا أن شرار الناس الذين يتخذون القبور على المساجد) والذين يفعلون ذلك، والذين يفتون للناس بذلك، والذين يوحون بذلك، والذين يكذبون وينسبون ذلك إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون: إنها السنة، ألا لعنة الله على الكذابين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم حرم ذلك ومنعه عليه الصلاة والسلام.