كذلك له أن يتحدث بالحديث المباح مع أهله، كأن يأتي عياله ليزوروه في المسجد، فإذا كان في مكان لمثل ذلك جاز أن يتكلم معهم، وفعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، حيث جاءت السيدة صفية زوجة النبي صلى الله عليه وسلم إليه وهو معتكف، فمكثت ساعة تتحدث مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم قامت تنقلب، فقام يقلبها -يوصلها- إلى بيتها صلوات الله وسلامه عليه، فمثل هذا جائز أن يوصل امرأته إلى بيتها وخاصة أن بيوت النبي صلى الله عليه وسلم كانت حول مسجده عليه الصلاة والسلام.
وكذلك إن كان محتاجاً إلى شراء قوته وما لابد منه لم يكره البيع والشراء في المسجد، كأن يكون المعتكفون محتاجين إلى القوت في المسجد، فلا بأس أن يدفعوا الثمن إلى شخص ليشتروا منه وهم في المسجد، فمثل هذا يجوز في مثل هذا الوقت، وأما في غير الاعتكاف فلا يجوز البيع ولا الشراء بداخل المسجد؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشراء والبيع في المسجد، وأن تنشد فيه الضالة، وأن ينشد فيه الشعر، ونهى عن التحلق قبل الصلاة يوم الجمعة.
فلا بد أن نراعي آداب المسجد، والمحافظة على المسجد، وعلى أهل المسجد، وعلى الذاكرين الله عز وجل فيه، فلو تعود الناس على أن يساوموا التاجر في المسجد لأصبح المسجد سوقاً، وأقبح مكان يبغضه الله عز وجل هي الأسواق، فأبغض البقاع إلى الله الأسواق، وأحب البقاع إلى الله مساجده.