وإذا مر القارئ على قوم سلم عليهم، وكذلك لو مر به إنسان وألقى عليه السلام فليقطع القراءة ويرد عليه السلام، ولا يوجد دليل على المنع من التسليم على القارئ، إلا أن يكون يصلي، فإن أكثر أهل العلم يكرهون أن تسلم على المصلي، والبعض منهم يجوز ذلك، ويقول: لأن النبي صلى الله عليه وسلم: (كان يصلي فمر عليه بعض من أصحابه فألقى عليه السلام فأشار بيده صلى الله عليه وسلم).
وهذا صحيح أنه أشار بيده يرد السلام، ولكن لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه مر على أحد يصلي فسلم عليه.
وقد حدث أنه وقف يستمع لـ سالم مولى أبي حذيفة، ولم يلق عليه السلام، صلوات الله وسلامه عليه، واستمع لقراءة أبي بكر وهو يقرأ بالليل ولم يلق عليه السلام، واستمع لقراءة عمر ولم يلق عليه السلام، واستمع لقراءة بلال ولم يلق عليه السلام.
وفي اليوم الثاني قال للثلاثة: أنت كنت تقرأ كذا، وأنت كذا، وعلمهم صلى الله عليه وسلم ما الذي يصنعونه.
ونادى على أبي سعيد بن المعلا وهو يصلي وقال: يا أبا سعيد! حتى يأتي إليه ليعلمه أعظم سورة في القرآن، وهي الفاتحة، فلم يخرج أبو سعيد من الصلاة إلى أن انتهى من الصلاة، فعلمه بعد ذلك، ولم يثبت أنه قال: السلام عليك يا أبا سعيد! ولذلك قال جابر بن عبد الله: لا أحب أن أسلم على أحد يصلي؛ لأن المصلي مشغول في صلاته، فلا تسلم عليه، ولكن لو ألقى عليّ أحد السلام لرددت عليه بيدي.
إذاً: لا تسلم على أحد يصلي حتى لا تشغله، إلا في مواطن: إذا كان الإنسان يصلي في غرفة وتريد أن تدخل عليه فتستأذن وتسلم حتى يعرف أنك موجود، فيأذن لك بالدخول، أو بعدم الدخول وهو يصلي.
ولو عطس إنسان وهو يقرأ القرآن فشمته آخر فيرد عليه بقوله: يهديكم الله ويصلح بالكم، وكذلك إذا عطس إنسان فيستحب لهذا القارئ أن يقطع ويرد، وهذا في غير الصلاة.