قال صلى الله عليه وسلم:(وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة)، انظر إلى فضل الله عز وجل! فالمؤمن مطمئن بالله سبحانه، والكافر متحير، حتى وإن أظهر الطمأنينة، وإن أظهر راحة البال، فقلبه متحير، ولذلك تجد أعلى نسبة من الانتحار عند هؤلاء الكفار، والمسلمون أقل نسبة منهم، ومستحيل أن يوجد من المسلمين من هو متدين بدين الله عز وجل يعرف الكتاب ويعرف السنة ويفعل ذلك، قال الله تعالى:{أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}[الرعد:٢٨]، أما البعيد الغافل عن ذكر الله فهذا قلبه مضطرب ومتحير، فمعنى قوله صلى الله عليه وسلم: أن هؤلاء الذين يجتمعون في بيت الله، ويدرسون كتاب الله سبحانه، فتنزل عليهم السكينة والطمأنينة، ويجعل الله عز وجل قلوبهم مستريحة مطمئنة، قال صلى الله عليه وسلم:(وغشيتهم الرحمة) أي: يغشيهم الله سبحانه وتعالى بالرحمة، فرحمة الله تنزل عليهم وتغطيهم، قال:(وحفتهم الملائكة) أي: أحاطت بهم الملائكة، قال صلى الله عليه وسلم:(وذكرهم الله فيمن عنده)، وهذا فضل عظيم أن يذكرك الله سبحانه لكونك تحضر درس علم لكتاب الله، أو لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وانظر إلى هذا الحديث الذي يرويه أبو داود والترمذي عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(يقال لصاحب القرآن: اقرأ وارتق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا)، فلابد أن نتعلم ترتيل القرآن، وتجويده، وتعلم التجويد والترتيل لا يكون من كتاب، ولكن اجلس إلى شيخ يعلمك كيف تتلو القرآن وتجوده، وكيف تقرأ الحروف وتخرجها من مخارجها، ولا تتكبر أن تتعلم، ولا تأنف أن تطلب العلم ولو ممن هو أصغر منك، وكم من إنسان صغير يجيد التلاوة بقراءة جميلة، وتلاوة صحيحة، وتجويد متقن، فاذهب وتعلم عنده، ولك الأجر عند الله عز وجل، وقوله صلى الله عليه وسلم:(كما كنت ترتل في الدنيا) أي: مثلما كان صوتك في الدنيا، وكيفما كانت قراءتك في الدنيا كذلك تكون يوم القيامة، فأنت لا ترتل على الناس، بل على رب الناس سبحانه تبارك وتعالى، وتقرأ بين يدي الله عز وجل، فيقول لك: اقرأ وارتق، وكل آية تصعد بها منزلة، وكل آية تطير بها لمنزلة أعلى، حتى تصل لآخر منزلة بما معك من القرآن، وبآخر آية أنت تحفظها وتقرؤها تكون منزلتك إليها، قال صلى الله عليه وسلم:(فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها)، ولذلك ينبغي على المسلم أن يحاول حفظ كتاب الله سبحانه تبارك وتعالى ما استطاع.