روى البخاري عن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال:(كنت قائماً في المسجد فحصبني رجل، قال: فنظرت فإذا عمر بن الخطاب ورجلان في آخر المسجد يرفعان أصواتهما حتى سمع عمر رضي الله عنه) , فينبغي خفض الأصوات في المساجد، ولا يقل أحد: أنا رجل كبير في السن فسامحوني، فليس هناك فرق بين الكبير والصغير، فالمسجد له آداب ومن آدابه أن لا ترفع صوتك في بيت الله عز وجل, وأحياناً تقول لبعض الناس: اخفضوا أصواتكم، فيقول أحدهم: أنا الآن سأخرج، ويغضب عندما تنهره وتنهاه عن ذلك.
وهذا عمر بن الخطاب صوته عال وممكن ينادي السائب بن يزيد: تعال يا سائب , اذهب إلى هذين الاثنين, ولكن عمر أدبه داخل المسجد أنه لا يرفع صوته فيه, فمن أجل أن ينادي ال سائب الذي بجواره أخذ حصى صغيرة من الأرض فحذفه بها، وعمل هذا عمر من أجل أن لا يرفع صوته في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم, فقال: اذهب فائتني بهما, فذهب ال سائب فجاء بهما إلى عمر، فقال: من أنتما؟ أو من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف, قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما, ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
فهذا أدب عمر رضي الله عنه، لم يناد ولم يقل: تعال يا سائب , وإنما أخذ حصى من الأرض فحذفه بها من أجل أن ينتبه, فكيف بنا نحن الذين نأتي إلى بيت ربنا فيقف الواحد وينادي على فلان من هنا، وعلى فلان من هنا, وإذا أراد أحد أن يدخل عمل إزعاجاً في المسجد, فهذا لا ينبغي، وقد نجد أحياناً بعض الشباب يجتمعون مع بعضهم جماعات قاعدين، جماعة هنا وجماعة هنا، وأصواتهم مرتفعة, وهذا لا يجوز في بيت الله عز وجل, فبيت الله تمكث فيه الملائكة فلابد من الآداب الشرعية, كذلك النساء عندما يخرجن من المسجد في الدور الثاني يزعجن الناس المصلين بالكلام، وكذا قبل صلاة الجمعة، فهذا لا ينبغي في بيت الله عز وجل, وإنما الذي ينبغي في بيت الله: الهدوء والسكينة والطمأنينة، كما قال تعالى:{أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}[الرعد:٢٨] وإنما بنيت المساجد لما بنيت له, وهو: ذكر الله وما والاه، وعالم أو متعلم.