للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْقَائِلين بِأَن الْعلَّة لَا تصح إِلَّا بالمناسبة (وَإِن اخْتلف اسْمه) أَي التَّعْبِير عَن هَذَا، إِذْ مِنْهُم من قَالَ أَحْكَام الشَّارِع مَبْنِيَّة على مصَالح الْعباد، وَمِنْهُم من قَالَ أَفعَال البارئ سُبْحَانَهُ معللة بمصالح الْعباد، أَو معللة بالأغراض كالمعتزلة، نقل الشَّارِح عَن المُصَنّف أَنه قَالَ: فَلَو قيل النزاع لَفْظِي جَازَ (وَمنع أَكثر الْمُتَكَلِّمين) الِاشْتِرَاط الْمَذْكُور مُبْتَدأ (لظنهم لُزُوم استكماله فِي ذَاته كَمَا لَا لم يكن) أَي ظنُّوا لِأَنَّهُ لَو اشْترط لزم أَن يكون الْحق سُبْحَانَهُ طَالبا بِوُقُوع تِلْكَ الْأَفْعَال حُصُول كَمَال فِي ذَاته لم يكن لَهُ قبل ذَلِك، وَهَذَا نقص فِي حَقه سُبْحَانَهُ (ذُهُول) خبر للمبتدأ: يَعْنِي أَنهم ذهلوا عَن أَمر ظَاهر كَانُوا يعلمونه بل صَرَّحُوا بِهِ مرَارًا (بل) إِنَّمَا يلْزم (ذَلِك) الاستكمال (لَو رجعت) الْمصَالح (إِلَيْهِ) تَعَالَى (أما) إِذا رجعت (إِلَى غَيره) من الْعباد (فَمَمْنُوع) لُزُوم ذَلِك. قَالَ الشَّارِح أَنه قَالَ المُصَنّف قَوْله مَمْنُوع يُشِير إِلَى أَنه على تَقْدِير رُجُوعهَا إِلَى الْعباد أَيْضا ألزموا مثل ذَلِك؟ وَهُوَ أَن رُجُوعهَا إِلَى الْعباد يسْتَلْزم كمالا لَهُ فَأجَاب بِمَنْع ذَلِك (بل هُوَ) أَي رُجُوع الْمصَالح إِلَى الْفُقَرَاء (أثر كَمَاله الْقَدِيم) وَهُوَ كَونه فِي الْأَزَل مفيضا معطيا جوادا بِالْإِطْلَاقِ الْعَام فَإِن صدق الْمُطلقَة دائمي فَإِن قلت فرق بَين أَن تكون الْإِفَاضَة فِي عَالم الْإِمْكَان وَبَين أَن تخرج من الْقُوَّة إِلَى الْفِعْل، فَإِن مَا بِالْفِعْلِ لَهُ مزية على مَا بالقوه، وَلِهَذَا يُسَمِّيه الحكم كمالا فَالْجَوَاب مَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (وَلَا يخفى أَن اللَّازِم فِي المتجدد) أَي الْمَحْذُور الَّذِي ادعيتم أَن لُزُومه فِيمَا يَتَجَدَّد وَيحدث من مصَالح الْعباد على تَقْدِير الِاشْتِرَاط الْمَذْكُور (بتعلق الْأَحْكَام) أَي بِسَبَب تعلقهَا بهم (لَازم فِي فواضله) أَي يلْزم بِعَيْنِه فِي انعاماته (المتجددة) الذوات والاقتضاء المستمرة (فِي ممر الْأَيَّام على الْأَنَام) قَالَ الشَّارِح: أَنه قَالَ المُصَنّف هَذَا إِلْزَام على قَوْلهم يلْزم كَمَال لَهُ لم يكن أَي لَو صَحَّ مَا ذكرْتُمْ لزم مثله فِي الْمصَالح الْوَاصِلَة إِلَى الْعباد ابْتِدَاء لَا بِوَاسِطَة شرع من إِنْزَال الْمَطَر وإنبات الشّجر والأقوات إِلَى غير ذَلِك (فَمَا هُوَ جوابهم) أَي المانعين (فِيهِ) أَي فِي الْإِلْزَام الْمَذْكُور فَهُوَ (جَوَابنَا) عَن كَون الْأَحْكَام مَبْنِيَّة على مصَالح الْعباد (وَلَقَد كثرت لَوَازِم بَاطِلَة لكلامهم) كَمَا عرف فِي فن الْكَلَام فَلَا يعول عَلَيْهَا. قَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ: وَالْحق أَن تَعْلِيل بعض الْأَفْعَال سِيمَا شَرْعِيَّة الْأَحْكَام بالحكم والمصالح ظَاهر كإيجاب الْحُدُود وَالْكَفَّارَات وَتَحْرِيم المسكرات وَمَا أشبه ذَلِك، والنصوص أَيْضا شاهدة بذلك كَقَوْلِه تَعَالَى - {وَمَا خلقت الْجِنّ وَالْإِنْس إِلَّا ليعبدون}. من أجل ذَلِك كتبنَا على بني إِسْرَائِيل. فَلَمَّا قضى زيد - إِلَى قَوْله تَعَالَى - {لكيلا يكون على الْمُؤمنِينَ حرج} - وَلِهَذَا كَانَ الْقيَاس حجَّة إِلَّا عِنْد شرذمة لَا يعْتد بهم، وَأما تَعْمِيم ذَلِك بِأَنَّهُ لَا يَخْلُو فعل من أَفعاله من غَرَض فَمحل بحث (وَالْأَقْرَب) إِلَى التَّحْقِيق (أَنه) أَي الْخلاف (لَفْظِي مَبْنِيّ على معنى الْغَرَض) فَمن فسره بِالْمَنْفَعَةِ العائدة إِلَى الْفَاعِل قَالَ لَا تعلل وَلَا يَنْبَغِي أَن

<<  <  ج: ص:  >  >>