عَن دركه) فَإِن التَّعَبُّد فِيهِ لَيْسَ بباطل، لِأَنَّهُ لَا يُمكن أَن يُقَال فِيهِ أَن الحكم ثَبت لَا لمصْلحَة لقُصُور عقولنا عَن دركه، ثمَّ بَين السَّبَب فِي أَنهم اتَّفقُوا على اعْتِبَار الْوَصْف عِنْد رُجْحَان الْمصلحَة وَلم يتفقوا على الْغَايَة عِنْد رُجْحَان الْمفْسدَة بقوله: (قيل وَوُقُوع الِاتِّفَاق على الِاعْتِبَار عِنْد رُجْحَان الْمصلحَة دون الإلغاء لرجحان الْمفْسدَة لشدَّة اهتمام الشَّارِع برعاية الْمصَالح وابتناء الْأَحْكَام عَلَيْهَا فَلم تهمل) الْمصلحَة (مرجوحة على الِاتِّفَاق) بل كَانَت على الْخلاف.
(وَأما الثَّالِث) أَي انقسام الْعلَّة بِسَبَب اعْتِبَار الشَّارِع الْوَصْف عِلّة (فَإِذا كَانَ الْقَصْد إصْلَاح المذهبين) للحنفية وَالشَّافِعِيَّة، وَفِي بعض النّسخ اصْطِلَاح المذهبين، وعَلى هَذَا يقدر الْمُضَاف: أَي بَيَان اصطلاحهما وعَلى الأول لَا يلْزم عدم اصطلاحهما فِي حد ذاتيهما قبله: بل بِاعْتِبَار النُّقْصَان فِي بَيَان ناقليهما (فَاخْتلف طرق الشَّافِعِيَّة من الْغَزالِيّ وَشَيْخه) إِمَام الْحَرَمَيْنِ (والرازي والآمدي اقتصرنا على) الطَّرِيق (الشهيرة) يَعْنِي قصدت اسْتِيفَاء مصلحاتهما فَوجدت كَثْرَة الِاخْتِلَاف على وَجه يطول الْكَلَام جدا بِاسْتِيفَاء الْأَقْوَال فاقتصرت على الشهيرة (المثبتة) المتقنة المحكمة وَترك الْأَقْوَال الضعيفة (وَالْمُنَاسِب بذلك) الْمحل (الِاعْتِبَار) أَي اعْتِبَار الشَّارِع ذَلِك الْوَصْف عِلّة أَرْبَعَة (مُؤثر وملائم وغريب ومرسل، فالمؤثر مَا) أَي وصف (اعْتبر عينه فِي عين الحكم بِنَصّ) من كتاب أَو سنة (كالحدث بالمس) أَي بِمَسّ الذّكر، فَإِن عين الْمس اعْتبر فِي عين الْحَدث فِي قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " من مس ذكره فَليَتَوَضَّأ " وَهَذَا الْمِثَال على قَول الشَّافِعِيَّة (وعَلى) قَول (الْحَنَفِيَّة سُقُوط نَجَاسَة الْهِرَّة بالطوف) فَإِن عين الطوف اعْتبر فِي عين السُّقُوط بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " أَنَّهَا لَيست بنجسة إِنَّهَا من الطوافين عَلَيْكُم والطوافات " (فتعدى) بسقوطها (إِلَى الْفَأْرَة) بِعَين الطّواف (والأوضح) فِي التَّمْثِيل (السكر فِي الْحُرْمَة) فَإِن عين السكر اعْتبر فِي عين التَّحْرِيم بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " كل مُسكر حرَام " وَجه الأوضحية أَن عين الْوَصْف وَعين الحكم منصوصان فِي هَذَا النَّص بِخِلَاف الْأَوَّلين فَإِن الْحَدث نَفسه غير مَنْصُوص وَكَذَا السُّقُوط فِي الْمِثَال الثَّانِي (أَو إِجْمَاع) مَعْطُوف على نَص (كولاية المَال بالصغر) أَو ولَايَة التَّصَرُّف للْوَلِيّ فِي مَال الصَّغِير، فَإِن عين الصغر اعْتبر فِي عين الولايتين بِالْإِجْمَاع (وَقد يُقَال) مَا اعْتبر (نَوعه) فِي نوع الحكم بدل عَنهُ فِي عينه كَمَا قَالَ صدر الشَّرِيعَة (نفيا لتوهم اعْتِبَاره) أَي الْوَصْف (مُضَافا لمحل) كالسكر الْمَخْصُوص بِالْخمرِ وَالْحُرْمَة الْمَخْصُوصَة بهَا فَيكون للخصوصية مدْخل فِي الْعلية وَلَيْسَ كَذَلِك، وَإِنَّمَا سمى بالمؤثر لظُهُور تَأْثِيره فِي الحكم أَو الْإِجْمَاع وَالْمرَاد ثُبُوته بالِاتِّفَاقِ لذكر الْمُرْسل فِي مُقَابِله وَهُوَ مُخْتَلف فِيهِ فَلَا اتِّفَاق إِلَّا فِيهِ وَلم يعْتَبر الثُّبُوت بِالْقِيَاسِ. هَاهُنَا، لِأَن الْقيَاس فِي الْأَسْبَاب غير مُعْتَبر (والملائم مَا) أَي وصف (ثَبت) عينه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute