رخصَة الْجمع (إِلَى ذِي الصِّنَاعَة الشاقة) لوُجُود الْحَرج فِيهِ (وَلم يحْتَج إِلَى الإناطة بِالسَّفرِ) بل كَانَ يُضَاف إِلَى الْحَرج مُطلقًا (إِذْ لَا خَفَاء فِي الْمُطلق) أَي مَا يُطلق عَلَيْهِ الْحَرج عرفا (كالإسكار فِي الْخمر) والإناطة فِي السّفر لَيْسَ إِلَّا لعدم انضباط مَا هُوَ الْعلَّة بِالْحَقِيقَةِ فَإِنَّهَا حرج خَاص بِمَعْرِِفَة الْإِضَافَة، فَلَيْسَ مِثَالا للملائم الَّذِي اعْتبر فِيهِ جنس الْوَصْف فِي عين الحكم (وَأَيْضًا فَذَلِك) أَي دلَالَة ثُبُوت الْجِنْس فِي الْعين على صِحَة اعْتِبَار الْعين إِنَّمَا يكون (بعد ثُبُوت الْعين فِي المحلين) الأَصْل وَالْفرع كالصغر فِي الْمِثَال السَّابِق (وَلَيْسَ الْمَطَر) الَّذِي هُوَ الْعين هَهُنَا (هُوَ الأَصْل) الَّذِي هُوَ السّفر، وَإِنَّمَا هُوَ الْفَرْع فَقَط وَهُوَ الْحَضَر. قَالَ الشَّارِح هَذَا مِثَال تقديري على قَول من جوز الْجمع بَينهمَا بِلَا عذر فِي الْحَضَر بِشَرْط أَن لَا يتَّخذ عَادَة، وَمِمَّنْ نقل عَنهُ ابْن سِيرِين وَرَبِيعَة وَأَشْهَب وَابْن الْمُنْذر خلافًا لعامة الْعلمَاء تمسكا بِمَا عَن ابْن عَبَّاس
" جمع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين الظّهْر وَالْعصر وَبَين الْمغرب وَالْعشَاء بِالْمَدِينَةِ من غير خوف وَلَا مطر. قَالَ سعيد بن جُبَير فَقلت لِابْنِ عَبَّاس لم فعل ذَلِك؟ قَالَ أَرَادَ أَن لَا يحرج أمته " رَوَاهُ مُسلم (ولبعض الْحَنَفِيَّة) لصَاحب البديع وَصدر الشَّرِيعَة فِي تَمْثِيل الثَّانِي (كاعتبار جنس الْمَضْمَضَة المومى إِلَيْهَا فِي عدم إفسادها الصَّوْم) فِي حَدِيث عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ حَيْثُ قَالَ
" هششت فَقبلت وَأَنا صَائِم فَقلت يَا رَسُول الله صنعت الْيَوْم أمرا عَظِيما فَقبلت وَأَنا صَائِم قَالَ: أَرَأَيْت لَو تمضمضت بِالْمَاءِ وَأَنت صَائِم؟ قلت لَا بَأْس قَالَ فَمه " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَاد صَحِيح على شَرط مُسلم، وَقَالَ الْحَاكِم على شَرط الشَّيْخَيْنِ، وَمعنى فَمه: أَي فَمَا الْفرق بَينهمَا فَإِن جنس الْوَصْف الَّذِي هُوَ الْمَضْمَضَة اعْتبر فِي عين الحكم وَهُوَ عدم الْإِفْسَاد (وَهُوَ) أَي جنسه (عدم دُخُول شَيْء إِلَى الْجوف وَلَيْسَ) هَذَا (مِمَّا نَحن فِيهِ، وَهُوَ) أَي مَا نَحن فِيهِ (الْعلَّة بِمَعْنى الْبَاعِث بل الانتفاء) للإفساد (لانْتِفَاء ضد الرُّكْن) للصَّوْم: يَعْنِي دُخُول شَيْء إِلَى الْجوف (مَعَ أَنه من الْعين) أَي اعْتِبَار عين الْوَصْف هُوَ عدم دُخُول شَيْء فِي الْجوف (فِي الْعين) أَي عين الحكم وَهُوَ عدم إِفْسَاد الصَّوْم فَهُوَ من الْمُؤثر. (وَالثَّالِث) أَي الْوَصْف الْمَذْكُور مَعَ ثُبُوت جنسه فِي جنس الحكم (كَالْقَتْلِ بالمثقل) أَي كقياسه (عَلَيْهِ) أَي على الْقَتْل (بالمحدد) فِي الحكم الَّذِي هُوَ الْقَتْل (بِالْقَتْلِ الْعمد الْعدوان) أَي بِهَذَا الْجَامِع كَمَا عَلَيْهِ أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد وَالشَّافِعِيّ وَغَيرهم (وجنسه) أَي الْقَتْل الْعمد الْعدوان (الْجِنَايَة على البنية) للْإنْسَان، وَقد يعْتَبر (فِي جنس الْقصاص وَلَيْسَ) من هَذَا الْقَتِيل (فَإِنَّهُ من الْمُؤثر) لِأَن الْوَصْف الَّذِي هُوَ الْقَتْل الْعمد الْعدوان فِي حكم الأَصْل الَّذِي هُوَ الْقَتْل بِهِ ثَابت بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاع (فَقيل) وقائله التَّفْتَازَانِيّ (لَا نَص وَلَا إِجْمَاع على أَن الْعلَّة) فِي الأَصْل (الْقَتْل وَحده أَو) الْقَتْل (مَعَ قيد كَونه بالمحدد، وَلَو صَحَّ) مَا قيل (لزم انْتِفَاء الْمُؤثر لتأتيه) أَي مثل مَا قَالَ (فِي كل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute