للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَن يكون للْحكم الْمُعَلل أصل معِين من نَوعه يُوجد فِيهِ جنس الْوَصْف أَو نَوعه (سَلَامَته) أَي الْوَصْف إِمَّا بِالرَّفْع خبر الضَّمِير الرَّاجِح إِلَى شَهَادَة الْأُصُول، وَإِمَّا بِالنّصب عطف بَيَان لَهَا من قبيل التَّفْسِير باللازم (من إِبْطَاله بِنَصّ أَو إِجْمَاع أَو تخلف) للْحكم المنوط بِهِ (عَنهُ) فِي بعض صور وجوده (أَو وجود وصف يَقْتَضِي ضد مُوجبه كلا زَكَاة فِي ذُكُور الْخَيل فَلَا) زَكَاة (فِي إناثها بِشَهَادَة الْأُصُول بالتسوية) بَين الذُّكُور وَالْإِنَاث فِي سَائِر السوائم فِي الزَّكَاة وجوبا وسقوطا. ثمَّ قيل لَا بُد من الْعرض على كل الْأُصُول لينقطع احْتِمَال النَّقْض والمعارضة، وَقيل أدنى مَا يجب عَلَيْهِ خرق الْعرض أصلان، لِأَن الْعرض على الْكل مُتَعَذر أَو متعسر فَوَجَبَ الِاقْتِصَار على أصلين كَمَا فِي الِاقْتِصَار فِي تَزْكِيَة الشَّاهِد. قَالَ شمس الْأَئِمَّة وَمن شَرط الْعرض على الْوَصْف بالتأثير وَالْعرض ظُهُوره، وَالْعرض على الأَصْل كل لم يجد بدا على الْعَمَل، فَإِنَّهُ يَقُول خَصمه وَرَاء هَذَا أصل آخر معَارض أَو نَاقض. وَقَالَ مَشَايِخنَا إِنَّمَا تثبت عَدَالَة الْوَصْف بالتأثير وَالْفَرْض ظُهُوره، وَالْعرض على الْأُصُول لَا يَقع بِهِ التَّعْدِيل، وَالْأُصُول شُهُود للْحكم (وَاعْلَم أَن الْحَنَفِيَّة) قَائِلُونَ (التَّعْلِيل بِكُل من الْأَرْبَعَة) الْعين فِي الْعين، وَفِي الْجِنْس كالجنس فِي الْجِنْس وَفِي الْعين (مَقْبُول، فَإِن) كَانَ التَّعْلِيل (بِمَا عينه أَو جنسه) مُؤثر (فِي عين الحكم فَقِيَاس إنفاقا للُزُوم أصل الْقيَاس) فِي كل من هذَيْن، وَيُقَال لما تَأْثِير عينه فِي عين الحكم أَنه فِي معنى الأَصْل وَهُوَ الْمَقْطُوع بِهِ الَّذِي رُبمَا يقر بِهِ مُنكر الْقيَاس، إِذْ لَا فرق إِلَّا بتعذر الْمحل (وَإِلَّا) فَإِن كَانَ عينه فِي جنس الحكم أَو جنسه فِي جنسه (فقد) يكون قِيَاسا اتِّفَاقًا (بِأَن يكون) مَا عينه فِي جنس الحكم من قبيل مَا يكون (الْعين فِي الْعين أَيْضا) فيستدعي أصلا مقيسا عَلَيْهِ (فَيكون مركبا) وَكَذَا مَا جنسه فِي جنسه قد يكون مَعَ ذَلِك فِي عينه، فَيكون لَهُ أصل فَيكون قِيَاسا وَقد لَا، وَيجب قبُولهَا للحنفية، إِذْ كل من الْأَقْسَام الْأَرْبَعَة من أَقسَام الْمُؤثر عِنْدهم (وشمس الْأَئِمَّة) السَّرخسِيّ قَالَ الْأَصَح عِنْدِي (الْكل قِيَاس دَائِما لِأَن مثله) أَي هَذَا الْوَصْف (لَا بُد لَهُ) فِي الشَّرْع (من أصل قِيَاس) فِي الشَّرْع لَا محَالة (إِلَّا أَنه قد يتْرك لظُهُوره) كَمَا قُلْنَا فِي إِيدَاع الصَّبِي لَا يضمن لِأَنَّهُ سلطه على ذَلِك فَإِنَّهُ بِهَذَا الْوَصْف يكون مقيسا على أصل وَاضح، وَهُوَ أَن من بَاعَ الصَّبِي طَعَاما فتناوله لم يضمن لَهُ لِأَنَّهُ بِالْإِبَاحَةِ مسلط على تنَاوله، وَرُبمَا لَا يَقع الِاسْتِغْنَاء عَنهُ، فيذكر كَمَا قُلْنَا فِي طول الْحرَّة أَنه لَا يمْنَع نِكَاح الْأمة إِن كل نِكَاح يَصح من العَبْد بِإِذن الْمولى هُوَ صَحِيح من الْحر كَنِكَاح الْحرَّة، هَذَا إِشَارَة إِلَى معنى مُؤثر، وَهُوَ أَن الرّقّ ينصف الْحل الَّذِي يَنْبَنِي عَلَيْهِ عقد النِّكَاح وَلَا يبد لَهُ غَيره بِحل آخر، فَيكون الرَّقِيق فِي النّصْف الْبَاقِي بِمَنْزِلَة الْحر فِي الْكل، كَذَا ذكر الشَّارِح الْمَذْكُور.

<<  <  ج: ص:  >  >>