فِيهِ الحكم (لَا لمَانع) مُتَعَلق بالتخلف، فَإِنَّهُ إِذا كَانَ لمَانع لَا يضر بعليتها (فَلم يُوجد) التَّخَلُّف مَعْطُوف على استقرئت (اسْتمرّ) الظَّن الْحَاصِل بِأحد المسالك (فاستمراره) أَي الظَّن الْمَذْكُور هُوَ (الْمَوْقُوف على الثُّبُوت) أَي على الْعلم بِثُبُوت الحكم فِي جَمِيع الْمحَال (أَو) على (عَدمه) أَي عدم الثُّبُوت فِي بعض الْمحَال (مَعَ الْمَانِع، وَالْحكم بالثبوت) أَي بِثُبُوت الحكم (بِهِ) أَي بِالْوَصْفِ الَّذِي هُوَ الْعلَّة يتَوَقَّف (على ابْتِدَاء ظَنّهَا) أَي علية الْوَصْف الْمَذْكُور (فِي الْجُمْلَة) لما بَين عدم توقف الْعلم بالعلية على الثُّبُوت انْدفع بذلك الدّور، ثمَّ أَرَادَ أَن يبين التَّوَقُّف من جَانب الثُّبُوت بهَا فَقَالَ وَالْحكم الخ: يَعْنِي الْعلم بِأَن الحكم ثَابت بِالْعِلَّةِ يتَوَقَّف على ابْتِدَاء ظَنّهَا الْحَاصِل بِأحد المسالك فِي بعض الْموَاد، وَالْمرَاد نفي الْعلَّة أصل الظَّن من غير قيد الِاسْتِمْرَار فقد علم بذلك أَن توقف الْعلم بالعلية على الثُّبُوت فِي الْكل إِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَار اسْتِمْرَار الظَّن بهَا، لَا بِاعْتِبَار أصل الظَّن، وَتوقف الْعلم بالثبوت إِنَّمَا هُوَ على ابْتِدَاء الظَّن، فالاستمرار الَّذِي هُوَ الْمَوْقُوف فِي التَّوَقُّف الأول لم يصر مَوْقُوفا عَلَيْهِ فِي التَّوَقُّف الثَّانِي حَتَّى يلْزم الانعكاس بل الْمَوْقُوف عَلَيْهِ فِي التَّوَقُّف الثَّانِي إِنَّمَا هُوَ ابْتِدَاء الظَّن الْحَاصِل بِأحد المسالك. (وَاسْتشْكل) الْجَواب الْمَذْكُور (بِمَا إِذا قَارن) ظن الْعلية (الْعلم بالتخلف) أَي تخلف الحكم عَن الْعلَّة (كَمَا لَو سَأَلَهُ فقيران): غير فَاسق، وفاسق (فَأعْطى أَحدهمَا) وَهُوَ غير الْفَاسِق (وَمنع الْفَاسِق) فالمشاهد لصنيعه يشك بِسَبَب ذَلِك الْمَنْع فِي أَن عِلّة الْإِعْطَاء هَل هُوَ الْفقر أَو غَيره فَلَا يحصل لَهُ الْعلم بعليته، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فَإِن الْعلم بعلية الْفقر يتَوَقَّف على الْعلم بمانعية الْفسق) من تحقق الحكم وَهُوَ الْإِعْطَاء فَإِن ظهر أَن بِالْفِسْقِ منع علم أَن الْفقر هُوَ الْعلَّة وَإِنَّمَا تخلف الحكم عَنهُ فِي الْمَمْنُوع بِسَبَب الْفسق الْمَانِع من تَأْثِيره، والاعلم أَنه لَيْسَ بعلة وَإِلَّا يلْزم تخلف الْمَعْلُول عَن الْعلَّة (وَبِالْعَكْسِ) أَي ويتوقف الْعلم بمانعية الْفسق على الْعلم بعلية الْفقر لِأَنَّهُ لَو كَانَ الْعلَّة أمرا آخر مفقودا فِي الْمَمْنُوع كَانَ عدم الْإِعْطَاء لعدم الْمُقْتَضى لَا لوُجُود الْمَانِع، فَحِينَئِذٍ توقف الْعلم بِثُبُوت الحكم بِهِ على الْعلم بالعلية فِي حق من أعْطى فَلَزِمَ الدّور، وَإِذا علم أَن الْجَواب الْمَذْكُور لَا يدْفع الدّور فِي صُورَة الْمُقَارنَة (فَالصَّوَاب) فِي الْجَواب مَا يدْفع الدّور فِي جَمِيع الصُّور وَهُوَ (أَن المتوقف على الْعلم بالعلية الْعلم بالمانعية بِالْفِعْلِ) لَا المانعية بِالْقُوَّةِ لِأَنَّهُ قد يعلم كَون الشَّيْء بِحَيْثُ إِذا جَامع وَصفا منع مُقْتَضَاهُ مَعَ أَن ذَلِك الْوَصْف لم تعلم عليته بِالنِّسْبَةِ إِلَى حكم بِخِلَاف الْعلم بتحقق المانعية فَإِنَّهُ لَا يتَصَوَّر بِدُونِ الْعلم بعلية الْوَصْف للْحكم للْعلم بتخلفه عَنهُ فِي بعض الْموَاد بِسَبَب الْمَانِع (والمتوقف عَلَيْهِ الْعلية هُوَ المانعية بِالْقُوَّةِ، وَهُوَ) أَي المانعية بِالْقُوَّةِ، والتذكير بِاعْتِبَار الْخَبَر (كَون الشَّيْء بِحَيْثُ إِذا جَامع باعثا مَنعه) أَي الْبَاعِث (مُقْتَضَاهُ) فَفِي الْمِثَال الْمَذْكُور علمنَا بِأَن الْفسق منع عَن
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute