للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثلا، فالمستدل: أَي الْمُعْتَرض لَا يرَاهُ حجَّة إِلَّا فِي أقل الْجمع، فَلَو أَرَادَ إدراج الْفَرْع فِيهِ تعسر فثبتت فِيهِ بِهِ الْعلية فِي الْجُمْلَة، ثمَّ يعمم بِهِ الحكم فِي جَمِيع موارد وجود الْعلَّة، كَذَا فِي الشَّرْح العضدي، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فجوازه اتِّفَاق لِأَنَّهُ يثبت بِهِ الْعلية، ثمَّ يعمم بهَا). وَفِي الشَّرْح الْمَذْكُور، وَأَيْضًا فقد تكون دلَالَته على الْعلية أوضح من دلَالَته على الْعُمُوم كَمَا تَقول: حرمت الرِّبَا فِي الطَّعَام للطعم، فَإِن الْعلية فِي غَايَة الوضوح والعموم فِي الْمُفْرد الْمُعَرّف مَحل خلاف ظَاهر. ثمَّ لَا يخفى عَلَيْك أَن مُقْتَضى قَوْله لَا يرَاهُ حجَّة الخ، إِذْ لَا يحْتَج بِهِ للعلية أَيْضا إِلَّا أَن يُقَال المُرَاد نفي حجيته فِي حق الْأَفْرَاد الَّتِي تندرج تَحت عُمُومه، وَعليَّة الْعلَّة لَيست مِنْهَا، بل يثبت مِنْهُ بطرِيق الِاقْتِضَاء واللزوم إِلَى غير ذَلِك. (وَالْمُخْتَار جَوَاز كَونهَا) أَي الْعلَّة (حكما شَرْعِيًّا، مِثَاله للحنفية) مَا ورد عَن الخثعمية أَنَّهَا قَالَت يَا رَسُول الله: إِن فَرِيضَة الْحَج أدْركْت أبي وَهُوَ شيخ كَبِير لَا يسْتَمْسك على الرَّاحِلَة أفأحج عَنهُ؟ فَقَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَرَأَيْت لَو كَانَ على أَبِيك دين) فقضيته أما كَانَ ذَلِك يقبل مِنْك؟ قَالَت نعم: قَالَ فدين الله أَحَق (قَاس) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِجْزَاء الْحَج عَنهُ بإجزاء قَضَاء الدّين عَنهُ (بعلة كَونه) أَي الْمقْضِي (دينا، وَهُوَ) أَي الدّين (حكم شَرْعِي هُوَ) أَي ذَلِك الحكم الشَّرْعِيّ (لُزُوم أَمر فِي الذِّمَّة) فَإِن هَذَا اللُّزُوم اعْتِبَار من اعتبارات الشَّرْع مترتب على خطابه تَعَالَى الْمُتَعَلّق بأَدَاء الْحق. (و) أَيْضا مِثَاله (قَوْلهم) أَي الْحَنَفِيَّة (فِي) عدم صِحَة بيع (الْمُدبر: مَمْلُوك تعلق عتقه بِمُطلق موت الْمولى) قيد الْإِطْلَاق احْتِرَاز عَن الْمُدبر الْمُقَيد كَأَن مت فِي هَذَا الْمَرَض فَأَنت حر (فَلَا يُبَاع كَأُمّ الْوَلَد) فَالْأَصْل أم الْوَلَد، وَالْفرع الْمُدبر، وَالْعلَّة كَونهمَا مملوكين تعلق عتقهما بِمُطلق موت الْمولى (وَقيل لَا) يجوز أَن تكون تِلْكَ الْعلَّة حكما شَرْعِيًّا (للُزُوم النَّقْض) أَي تخلف الْمَعْلُول عَمَّا فرض عِلّة (فِي التَّقَدُّم) أَي فِي صُورَة تقدمها بِالزَّمَانِ على الحكم (و) لُزُوم (ثُبُوت الحكم بِلَا باعث فِي) صُورَة (التَّأَخُّر) أَي تَأَخّر مَا فرض عِلّة عَن الْمَعْلُول (و) لُزُوم (التحكم فِي) صُورَة (الْمُقَارنَة) إِذْ لَيْسَ أَحدهمَا حِينَئِذٍ أولى بالعلية من الآخر لكَون كل مِنْهُمَا حكما شَرْعِيًّا (وَمنع الْأَخير) أَي لُزُوم التحكم فِي الْمُقَارنَة (لتمييز الْمُنَاسبَة) الْمُعْتَبرَة فِي الْعلية بَينهمَا تمييزا يُفِيد تعين أَحدهمَا بالعلية دون الآخر (وَغَيرهَا) أَي غير الْمُنَاسبَة من الْأُمُور الدَّالَّة على الْعلية الْمَذْكُورَة فِي مسالك الْعلَّة (وَتقدم) فِي جَوَاب المانعين تعدد الْعلَّة (مَا) يُجَاب بِهِ (فِيمَا قبله) أَي مَا قبل الْأَخير وَهُوَ لُزُوم كَون الحكم بِلَا باعث والنقض فِي التَّقَدُّم من أَن تَأْثِير الْعِلَل الشَّرْعِيَّة لَيْسَ بِمَعْنى إفادتها الْوُجُود كالعقلية حَتَّى يمْتَنع فِيهَا التَّقَدُّم أَو التَّخَلُّف (ثمَّ اختير) اخْتَارَهُ الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب (تعين كَونهَا) أَي كَون حكم الْعلَّة الَّتِي هِيَ الحكم الشَّرْعِيّ (لجلب مصلحَة)

<<  <  ج: ص:  >  >>